كفى إستهتاراً في زمن كورونا

93

أ.د.محمد طالب عبيدات

بالرغم من سيطرتنا على الوضع الوبائي في الخمس شهور الأخيرة والإجراءات الإحترازية الرسمية الناجحة التي وضعت الأردن في مقدمة دول العالم في مكافحة وباء كورونا؛ إلا أن الإستهتار واللامبالاه والتراخي الذي شهدناه في الشهر الأخير بدأنا نتلقى الضربات الموجعة كنتيجة لذلك؛ فالوضع الوبائي بدأ يشكّل خطورة كبيرة جعل الحكومة تفكّر في تعديل مصفوفة فتح القطاعات وكذلك بفرض إجراءات الحظر وغيرها؛ فالوضع الوبائي يحتاج اليوم قبل الغد -كنتيجة لتفاقم الأعداد نسبياً- لمراجعة إستراتيجيتنا من جديد في التعامل مع الجائحة؛ لأننا غير مغلقين عن العالم وحدودنا تحتاج لفتح لدعم الملف الإقتصادي مع المحافظة على الملف الطبي؛ ومع ذلك نحتاج لإثارة الكثير من النقاط كمراجعة لموقفنا:

١. وضعنا الوبائي بات يتأرجح بين الأزرق معتدل الخطورة والأصفر متوسط الخطورة كنتيجة للإنتشار الأفقي للفايروس بين المحافظات؛ مما يؤشر لوجود خلل إجتماعي في الثقافة المجتمعية للتنقل الدائم والإستهتار للمخالطين وعدم الإلتزام بالطلبات الحكومية من قبل البعض مما يساهم في إنتشار الفايروس بين المحافظات والألوية وحتى القرى.

٢. تتحمل الحكومة أيضاً المسؤولية في التراخي الذي حصل على حدود جابر والعمري مما سرّب بعض الحالات إلى بعض المحافظات من الشمال حتى الجنوب كنتيجة للتهاون والاستهتار في التعامل مع الفايروس؛ ولذلك واجب تحميل المسؤولية والمساءلة بات ضروري لأن ذلك أجهض الخطة الرسمية والجهد الوطني الكبير الذي قامت به الأجهزة الرسمية بتوجيهات ملكية سامية.

٣. بالمقابل يتحمّل بعض المواطنين حالة الإستهتار والتراخي واللامسؤولية وعدم الإلتزام بمعايير السلامة العامة والصحة ووضع الكمامات وغيرها؛ ونظرية البعض بمقولة ‘هو في كورونا؟’ كمؤشر على إستهتارهم وعدم تقبلهم لإجراءات السلامة العامة والتباعد الجسدي والإجتماعي؛ وبالطبع لن يصدّقوا ذلك إلا إذا وقعوا ضحية الفايروس لا سمح الله تعالى!

٤. هنالك عدم إلتزام من كثير من الناس بدعوات الحكومة لعدم الإختلاط والتباعد الجسدي؛ والدليل على ذلك وجود حفلات المزارع والتوجيهي والمناسبات وغيرها والتي ما زالت تقوم هنا أو هناك؛ ولذلك مطلوب إجراءات أكثر صرامة من الحكومة جراء ذلك لأننا بتنا نخاف أن يقع المحظور بأي لحظة وخصوصاً أن بعض المخالطين يتنقلون في عدة مواقع وبسرعة لدرجة بعضهم يخالط المئات في بضع أيام! وأحدهم خالط مائة وسبعين في يوم واحد!

٥. أصبحت أشفق على فرق التقصي الوبائي التي تُشكر من القلب على جهودها الوطنية المخلصة؛ لكن المخالطين أتعبوهم وأضنكوهم لدرجة الدوخان من كثر الحالات المخالطة هنا وهناك؛ ولهذا فإن جهدهم الوطني بات كبيراً هذه الأيام؛ وبإمكاننا تخفيفه من خلال الطلب من الناس بالإلتزام بتخفيف الحركة والتواصل الإجتماعي الفيزيائي وإقتصاره على التواصل الإجتماعي الإلكتروني.

٦. مطلوب من الجميع أن يخافوا الله في هذا الوطن وأن لا نُضيّع الجهود الوطنية المخلصة؛ فالأصل تطبيق قرار الدفاع رقم ١١ بصرامة وعلى المواطنين الإلتزام بالكمامات والوقاية الصحية والسلامة العامة والتباعد الجسدي؛ ومن يخالف ذلك يتحمل المسؤولية القانونية والجزائية؛ لأننا بتنا لا نملك ترف الوقت أبداً!

٧. مطلوب من الحكومة ضبط إجراءات الحدود والحجر وتطبيق قرارات الدفاع بقوّة وبالمقابل مطلوب من المواطن أن يصدع للإجراءات التي تطالب بسلامته وسلامة المواطنين كافة؛ ولا يمكن أن نُهادن أحداً يستهتر في هذا الواجب الوطني الذي يتطلب التنفيذ فوراً دونما تباطؤ أو تلكؤ من أحد.

٨. مطلوب إجراءات حكومية تمنع الإنتشار الأفقي للفايروس والمواءمة بين الملفين الطبي والإقتصادي؛ ومطلوب من المواطن التحمّل حتى ولو عدنا للحظر الشامل؛ ومطلوب أن لا نستهتر في أي قرار أو إجراء لأن ذلك كله يصب في مصلحة الوطن والمواطن على السواء.

بصراحة: الإنتشار الأفقي وحتى العمودي للفايروس بان مُقلقاً ويؤشر للموجة الثانية للفايروس؛ ولذلك مطلوب إجراءات حكومية سريعة رادعة وكذلك مطلوب إلتزام شعبي من المواطنين بالإجراءات دونما إستهتار لنعود للنجاحات التي حققناها في بداية عهد مكافحة الفايروس بدلاً من أن نتراجع بالوضع الوبائي درجة للأصفر!! وأجزم بأننا مواطنين وحكومة قادرين على ذلك.

صباح الوطن الجميل

اترك رد