قمة ثلاثية بإبعاد استراتيجية
الدكتور محمد حسين المومني
استضافت العاصمة عمان قمة ثلاثية للاردن مع قادة كل من مصر والعراق. القمة هي الثالثة بين هذه الدول، وجديدها هو انشاء سكرتاريا دائمة للتنسيق حول ملفات التعاون الثلاثي يكون مقرها في السنة الاولى عمان لتنتقل في كل عام تباعا بين عواصم الدول الثلاث. عندما يحدث لقاء على مستوى القمة بين الدول فهذا تعبير عن الرغبة السياسية العليا بالتعاون ونقاش المواضيع السيادية الحساسة بين دول القمة ليسير بعدها التنفيذيون في كل دولة بتطبيق ما تم الاتفاق عليه.
الاردن والعراق ومصر مرشحة لتشكيل نواة تعاون اقليمي هام يعزز التكامل الاقتصادي الذي سيخلق حتما تنسيقا وتكاملا سياسيا وامنيا. من هنا جاء التركيز على توجهات الدول الثلاث لخلق حالة من التكامل الاقتصادي تبدو قطاعات الطاقة والنقل والعمالة اهم عناصره التكاملية. الدول الثلاث فيها ما يقارب من 150 مليون نسمة وهي بذلك تشكل سوقا كبيرة لتبادل عناصر الانتاج من طاقة وعمالة.
للعراق مصلحة كبيرة بمرور خط انبوب تصدير النفط عبر المتوسط من خلال الاردن ومصر، ولمصر مصلحة بتشغيل عمالتها بالسوق العراقي والتصدير له، وللاردن مصلحة بأن يكون مكانا للعمليات اللوجستية يشغل اسطول النقل الكبير لديه ويصدر منتجاته الزراعية للعراق الذي يحتاجها كما ويصدر منتجاته من الادوية للسوق المصري الكبير.
غير واضح للان حجم الاعاقة التي سيواجهها هذا التكامل المنشود، لكن من المتوقع ان ايران لن تألو جهدا لتثبيطه فبالنسبة لها العراق ساحة نفوذ امامية لن يسمح له بالتكامل الا مع ايران. من هنا تأتي احد اهم الاهداف الاستراتيجية للتكامل بين الدول الثلاث، فهي فرصة ليستعيد العراق جزءا من سيادته المسلوبة من ايران وهو ما يتفق تماما مع برنامج وسياسة رئيس الوزراء العراقي الكاظمي المعلنة.
من الاهداف الاستراتيجية الاخرى ادانة التدخل الخارجي بشؤون دول القمة وهنا اشارة واضحة للنفوذ الايراني في العراق والتركي في ليبيا والعراق، وقد اعتبرت القمة ان رؤيتها تتمثل بوقف هذه التدخلات لما لها من مساس بالامن القومي العراقي والمصري. هذه رسالة سياسية واستراتيجية هامة لايران وتركيا مفادها ان الدول الثلاث تقف وتؤازر بعضها في سبيل ترسيخ السيادة ومنع التوغل الخارجي بشؤونها او شؤون جيرانها.
اذا استطاعت هذه الدول ان تخلق حالة من الاعتماد الاقتصادي المتبادل فسيكون لذلك اثر كبير ومباشر على ازدهارها، وسوف يسهم بتعزيز الامن والاستقرار الاقليميين وربما تكون الفرصة سانحة لمزيد من الدول لتنضم وتتكامل مع الدول الثلاث. للان يبدو التنسيق هادئا وجادا وعقلانيا لا يستفز احدا وغير موجه ضد احد، ولكنه محاولة لتعزيز الازدهار في الدول الثلاث وترسيخ الاستقرار الاقليمي بكل تحدياته الداخلية والخارجية. الجميع مستفيد من هذه الصيغة التكاملية وان بدرجات متفاوته والمهم في المرحلة المقبلة تعزيز مصداقية التنسيق ومأسسته على نحو يعزز مكاسب الجميع