سنبكي حين لن ينفع الندم!
بقلم المهندس عبدالكريم ابو زنيمه
بدايةً لا بد من التذكير أنه قبيل توقيع اتفاقية وادي عربة جرت حملة إعلامية للتأثير على الرأي العام بضرورة الالتفات لمصالحنا وبناء مستقبلنا، وللوصول لذلك فلا بد من إنهاء حالة الحرب، جرت المفاوضات وكان الإعلام التضليلي يزف إلينا صباحًا مساءً بشائر قطف ثمار السلام الموعودة في جنات السلام حتى وصل الأمر بأحد عرابي السلام قوله أنه يعجز عن تعداد مزايا وعائدات الفوائد التي سيجنيها المواطن الأردني والأردن، وها نحن اليوم وبعد عقدين ونصف نقطف ثمار السلام جوعًا وفقراً وتسولاً وفقدانًا للكرامة!
المرحلة الأخطر للمشروع الصهيوني التوسعي تداهمنا وعلى الأبواب، مرحلته الأولى هي تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، أما مرحلته الثانية فهي ابتلاع الأردن كجزء من أرض إسرائيل تنفيذًا للوعد التوراتي! فهل الأردن اليوم قادر للدفاع عن نفسه؟ جميع المعطيات الموضوعية تجيب على هذا التساؤل بـ لا، ولا كبيرة، عسكريًا فإن إسرائيل متفوقه على الجيوش العربية مجتمعة ومعاهدة الدفاع العربي المشترك أصبحت من ديكورات لوحات الزينة في مقر الجامعة العبرية العربية! اقتصاديًا، لا يخفى على أحد حجم الانهيار الاقتصادي الذي وصلنا إليه وكذلك حجم المديونية المتوقع وصول نسبة خدمة الدين مع نهاية هذا العام 110%، سياسياً، تراجع دور الأردن كلاعب محوري مؤثر بعد تكبيل مصر بشروط معاهدة الاستسلام التي وقعها السادات عام 1978 وتدمير العراق ومن ثم سوريا وليبيا وهيمنة دول الخليج على القرار العربي وهرولتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني (باستثناء الكويت- رحم الله أميرها وتغمده بواسع مغفرته ورحمته) هذه الدول تملك المال والقوى الناعمة وعلى رأسها الإعلام، الأردن نسج علاقاته على قاعدة سياسة المحاور وليس على قاعدة المصالح فهو اليوم ضمنًا في ذات المركب، حليفنا وصديقنا وعدونا الأمريكي هو رأس الحربة والراعي الأول لتنفيذ المشروع الصهيوني! داخلياً، هناك احتقان شعبي يكبر يومياً نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة ونتائجها الكارثية على معيشة المواطن الأردني، هذه الأسباب الرئيسة مجتمعة وغيرها تقلل وتحدد الخيارات الأردنية ومناعة صموده أمام الأطماع الصهيونية المحدقة!
الخيار الأقوى للدفاع عن الأردن والتصدي لكل المخاطر هو خيار اللُّحمة الوطنية على أُسس الولاء والانتماء الوطني واجتثات كل منابع وبؤر الفساد بكافة تفصيلاتها، هذه اللُّحمة الوطنية لن تحققها إفرازات نتائج الانتخابات للدورة (19) التي أصبحت مكشوفة ومفضوحة، أفضل التوقعات تشير إلى تدني نسب المشاركة الشعبية التي ستفضي لوصول ممثلي العشائر ورأس المال وأصحاب النفوذ وعدد ممن ستتم إضافتهم لقائمة الناجحين من أصحاب الأصوات المرتفعة ممن يسمون بالمعارضة، قد تصبح أمنية أن تكون التشكيلة القادمة كمن سبقتها في الدورة الماضية، فتشكيل الكتل لخوض الانتخابات كما نراه اليوم أوضح دليل على فشلها “المال الأسود – غياب البرامج –التدخلات الخارجية – الحشوات – التباين الفكري والتعليمي والثقافي – انعدام الثقة” هذه العوامل لكن بصورٍ أُخرى ستكون تحت القبة نتيجتها المؤكدة هي غياب الرؤية والأهداف والمصالح الوطنية.
الأردن بهذه الحالة سيعجز عن الدفاع عن مصالحه وسيادته وسيرضخ لاستحقاقات صفقة القرن المطلوب الموافقة عليها أردنياً، لم يعد هناك وقت يمكن الرهان عليه، نحن ذاهبون للأسوأ الذي لم يعد مجهولاً، وسنبكي على وطن لم ندافع ولم نضحي لأجله!