ماريو دراغي رئيسا لوزراء إيطاليا في ظل أزمة كوفيد والمفوضية الأوروبية ترحّب

54

بات رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي رسميا، السبت، رئيسا للوزراء في إيطاليا التي تواجه أزمة ناجمة عن جائحة كوفيد وركودا اقتصاديا حادا.

وجاء تعيين خبير الاقتصاد البالغ 73 عاما والملقّب بـ”سوبر ماريو” (أي ماريو الخارق نسبة إلى لعبة الفيديو الشهيرة) في ختام أسابيع من عدم الاستقرار السياسي في بلد لا يزال يرزح تحت وطأة الأزمة الصحية التي أودت بأكثر من 93 ألف شخص.

وخلال مراسم تنصيبه المتلفزة، قال دراغي أمام الرئيس سيرجيو ماتاريلا في القصر الرئاسي “أقسم بأن أكون مخلصا للجمهورية”.

كما أدّى القسم أعضاء حكومته الجديدة التي تضم تكنوقراطا وسياسيين مخضرمين إلى جانب وزراء تم إبقاؤهم من الحكومة السابقة.

وتم اختيار دراغي بعد انهيار ائتلاف يسار الوسط الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق جوزيبي كونتي، تاركا إيطاليا بدون قيادة في ظل أسوأ ركود تشهده منذ الحرب العالمية الثانية.

وقَبِل ليل الجمعة رسميا تولي رئاسة الوزراء، بعدما نجح في تشكيل ائتلاف من مختلف الأطياف السياسية، ليكشف النقاب عن حكومته الجديدة.

ومن المقرر أن يصوّت أعضاء مجلسي البرلمان الأربعاء والخميس على منحه الثقة.

وعنونت صحيفة “لا ستامبا” السبت “حظا سعيدا”، بينما كشف استطلاع لمركز “إيبسوس” نشرته صحيفة “كوريير ديلا سيرا” أن 62 % من الإيطاليين يؤيّدون دراغي.

وبعد حفل التنصيب، رحّب كونتي بخلفه في قصر “شيغي” (مقر رئيس الوزراء) في إطار حفل مقتضب وسط تصفيق الموظفين قبل أن يغادر في سيارة رسمية.

وطبعت اضطرابات سياسية شهور كونتي الأخيرة في الحكم، لكن استاذ القانون السابق الذي وصل إلى السلطة في 2018 من دون خبرة سياسية مسبقة، اعتُبر بالنسبة للعديد من الإيطاليين شخصية يمكن الاعتماد عليها في أحلك فترات تفشي الوباء العام الماضي.

ائتلاف واسع

ويحظى دراغي بدعم ائتلاف واسع من مختلف التيارات بدءا باليساريين ووصولا إلى حزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني.

كما يضم الائتلاف “حركة خمس نجوم” الشعبوية والحزب الديموقراطي (يسار وسط) و”إيطاليا فيفا”، التي كانت منضوية جميعها في الحكومة السابقة قبل أن تختلف بشأن طريقة إدارة أزمة كوفيد.

وانقسمت “حركة خمس نجوم”، أكبر حزب في البرلمان اقتحم الساحة السياسية كحركة مناهضة للمؤسسة التقليدية، بشأن إن كانت ستدعم حكومة تقودها شخصية تكنوقراط غير منتخبة.

لكن في تصويت تم عبر الإنترنت، دعم أعضاؤها دراغي بنسبة 59%، بعدما تعهّد إنشاء وزارة كبرى جديدة “للتحول البيئي”.

وتم تسليم هذه الحقيبة بالفعل لعالم الفيزياء المعروف روبرتو كينغولاني الذي يعمل لدى شركة “ليوناردو” الإيطالية العملاقة للفضاء.

وتم تعيين نائب حاكم مصرف إيطاليا المخضرم دانيال فرانكو وزيرا للاقتصاد بينما بقي كل من روبرتو سبيرانزا وزيرا للصحة ولويجي دي مايو وزيرا للخارجية.

تحديات

وتعلّق إيطاليا آمالا عريضة على رئيس وزرائها الجديد الذي عُرف عنه قوله في الماضي إنه مستعد للقيام “بكل ما يلزم” لإنقاذ منطقة اليورو في ذروة أزمة الديون عام 2010.

والسبت، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في تغريدة إن “خبرة (دراغي) ستشكّل رصيدا استثنائيا بالنسبة لإيطاليا وأوروبا”، بينما هنّأه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

ورغم عدم امتلاكه خلفية سياسية تذكر، إلا أن دراغي يعتمد على سنوات الخبرة التي اكتسبها في الخدمة المدنية في إيطاليا، إضافة إلى مسيرته المهنية المصرفية.

واستقبلت أسواق المال نبأ وصوله إلى السلطة بإيجابية فتراجعت تكاليف الاقتراض الإيطالية إلى مستوى تاريخي هذا الأسبوع.

لكن بالنسبة للويجي سكازيري من “مركز الإصلاح الأوروبي” “من الصعب تحديد حجم التحديات التي يواجهها دراغي وإيطاليا”.

وأدت تدابير الإغلاق الناجمة عن تفشي كوفيد والقيود المتتالية التي فرضت إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 8.9 % العام الماضي، بينما خسر أكثر من 420 ألف شخص وظائفهم.

ولا يزال الفيروس يتفشى ما دفع حكومة كونتي، في أحد آخر قراراتها، الجمعة إلى تشديد القيود في أربع مناطق وتمديد الحظر على السفر داخليا بين المناطق.

وعلى غرار دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، تأخرّت إيطاليا أيضا في تطبيق برنامج التطعيم ضد كورونا، عازية الأمر إلى تأخر الشركات المنتجة في إيصال اللقاحات.

وتأمل البلاد في الحصول على أكثر من 220 مليار يورو (267 مليار دولار) كتمويل من الاتحاد الأوروبي لتتمكن من التعافي، لكن محللين يتوقعون أن يواجه دراغي تحديات جمة في ما يتعلق بتطبيق إصلاحات هيكلية.

أ ف ب

اترك رد