كتب المحامي اشرف الزعبي
ان الدفاع عن الدستور، هو دفاع عن الوطن الذي نحب، ومع ان الشعب متعطش للقضاء على الفساد، ومحاكمة المفسدين الذين اعتدوا على المال العام، واعتدوا على القوانين، وبالضرورة حنثوا باليمن التي اقسموها، وجوهرها الاخلاص للوطن والملك، فان معالجة الخطأ بالخطأ، تؤدي الى غير ما تغياه المشرع الدستوري، هذا من جهة، بل انها تشكل اعتداء على الدستور، الذي يتحتم على الجميع احترامه، والالتزام بمبادئه من جهة اخرى، فالغاية لا تبرر الوسيلة، اذا كانت الاخيرة غير دستورية.
من هنا نذهب الى القول، ان دستور المملكة الادرنية الهاشمية، الصادر في 8/1/1952، المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 1093 الصفحة الثالثة منه، قد رسم طريق محاكمة الوزراء عن الجرائم الناتجة عن تأديتهم لوظائفهم في المواد 55 و56 و57.
وقبل تعديل الدستور للعام 2011، كانت محاكمة الوزراء، تحتاج لقرار من مجلس النواب بالاتهام والاحالة، وكانت المحاكمة تتم امام المجلس العالي الخاص بمحاكمة الوزراء، الى ان تم التعديل، فاصبحت المحاكم النظامية، هي السلطة التي يحاكم امامها الوزراء.
ثم اتت المادة ( 56 ) لتؤكد القيد على حرية النيابة العامة، في مباشرة دعوى الحق العام، الا وهو رفع الحصانه، عن الوزير المنسوب له، جرما ناتجا عن تأدية وظيفته، وصدور قرار من النيابة بالاتهام، بمعنى ان القيد الوارد في المادة ( 56 )، ( رفع الحصانة ) وهو ما يسمى ( الاذن )، وهو قيد على سلطة النيابة العامة بتحريك دعوى الحق العام، ما لم ترفع الحصانة بقرار من مجلس النواب، باغلبية الاعضاء الذين يتشكل منهم مجلس النواب، فالاحكام المستجدة بتعديل المادة هي ان جهة التحقيق اصبحت النيابة العامة بعد قرار رفع الحصانة، وان المحاكم النظامية هي المختصة بالمحاكمة.
ثم اتت المادة ( 57 ) لتؤكد ان استقالة الوزير لا تمنع من محاكمته او الاستمرار بمحاكمته اذا كانت قد بدأت.
والسؤال المطروح هل هذه القيود، الواردة على حرية النيابة في مباشرة دعوى الحق العام، بمواجهة الوزراء تنطبق عليهم، حتى لو كانوا خارج الوزارة، بمعنى انهم وزراء غير عاملين؟ .
لقد كفانا القرار التفسيري رقم ( 1 ) لسنة 1990 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور مؤونة البحث والجواب، والذي اصبح جزءا من النص الدستوري بما فسره، ، فقرر جوابا على السؤال الاتي : هل كلمة الوزراء التي جاءت في المادة المذكورة، تشمل الوزير العامل والوزير غير العامل؟؟.
[ وحيث ان قواعد التفسير تقضي بان النص التشريعي لا يجوز ان يفسر بمعزل عن باقي نصوص التشريع الامر الذي اوجب استعراض نص المادة 61 ( تقابل المادة 57 الان ) حاليا من الدستور بالاضافة الى نص المادة 55 منه .
وحيث ان ما يستفاد من عبارات النص الوارد في المادة 61 المقابلة للمادة ( 57 ) حاليا، ان اقامة الدعوى على الوزير بجرم ناتج عن تادية وظيفته تشمل الوزير العامل والوزير غير العامل ، بدلالة عبارة ( ولا تمنع استقالته من اقامة الدعوى عليه ، والاستمرار في محاكمته .
كما انه يستفاد من نص المادة 55 المشار اليها ، ان الحصانة التي اسبغها الدستور ، على الوزراء هي حصانة محصورة بالجرائم التي يرتكبها الوزراء نتيجة لتادية وظائفهم .
وحيث ان ما يستفاد من عبارات النص الواردة في الوزير الي ارتكبها وزيرا عاملا او غير عامل ، لان العبرة في ذلك ان يكون الجرم المنسوب اليه ناتجا عن تادية وظيفته .
فان ما ينبني على ذلك ، ان الوزراء المقصودين في المادة 55 المطلوب تفسيرها هم الوزراء العاملون والوزراء غير العاملين ما دام انهم قد ارتكبوا الجريمة اثناء تادية وظائفهم، وان صلاحية المجلس العالي – المحاكم النظامية الان حسب التعديل – في محاكمة الوزراء عن الجرائم الناتجة عن تادية وظائفهم تشمل الوزير العامل والوزير غير العامل . هذا ما نقرره بالاجماع تفسيرا للمادة 55 من الدستور .
وعليه نخلص للقول، بان الحصانة الواردة في المادة 56 من الدستور الاردني، تصبغ الحصانة على الوزراء العاملين وغير العاملين، ممن ينسب اليهم جرما ناتجا عن تأديتهم لوظائفهم، ويتطلب لذلك ان ترفع الحصانة عن الوزير المعني باغلبية الاعضاء الذين يتشكل منهم مجلس النواب.
المحامي اشرف الزعبي