من جديد احتدم الصراع بين تركيا واليونان

77

الاردن اليوم – من جديد، احتدم الصراع بين تركيا واليونان في منطقة شرق البحر المتوسط، بسبب إرسال أنقرة لسفينة تنقيب تابعة لها “عروج ريس” قرب جزر اليونان، ما أثار حفيظة أوروبا.

الصدام بين تركيا وأوروبا بات على مقربة، على خلفية تهديدات قامت بها الأخيرة ضد أنقرة، مهددة بفرض عقوبات جديدة على الحكومة التركية.

ومؤخرا، انتقدت الولايات المتحدة أمس الثلاثاء استئناف تركيا عمليات التنقيب شرقي المتوسط بعد إرسالها سفينة عروج ريس، في الوقت الذي طالبت فيه أنقرة الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن “ازدواجية المعايير”.

واستنكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، في بيان، تجديد تركيا عمليات المسح في المناطق التي تفرض اليونان سلطتها القضائية عليها في شرق المتوسط، معتبرة الإعلان التركي من جانب واحد يثير التوترات في المنطقة، وأنه يعقد عن عمد استئناف المحادثات الاستكشافية بين اليونان وتركيا.

وكانت أنقرة قد أعلنت أمس أن سفينة المسح التركية عروج ريس استأنفت عمليات التنقيب عن الغاز شرقي المتوسط وستستمر مهمتها 10 أيام. وقال وزير الطاقة التركي إن بلاده ستواصل حماية حقوقها وإيجادَ أي موارد محتملة في المنطقة.

ودعت الخارجية الأميركية أنقرة إلى إنهاء ما وصفته بالاستفزاز، والشروع الفوري في محادثات استكشافية مع أثينا، مؤكدة أن الإكراه والتهديد والترهيب والنشاط العسكري لن يحل التوترات، وأن الإجراءات الأحادية لا يمكن أن تبني الثقة ولن تنتج حلولا دائمة.

كما عبّرت فرنسا أيضا عن قلقها بعد انطلاق السفينة في رحلتها، ووصفت وزارة الخارجية اليونانية الخطوة بأنها “تصعيد كبير” و”تهديد مباشر للأمن في المنطقة”.

في غضون ذلك بدأ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيارة إلى اليونان وقبرص لبحث التوتر شرقي المتوسط. وقالت الخارجية الألمانية إن ماس سيتعهد لليونان وقبرص بالتضامن الكامل من جانب ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

ودعت برلين جميع الأطراف إلى العمل على أساس حسن الجوار، مضيفة أن تركيا ستبقى جارة لليونان وقبرص. كما ناشدت الخارجية الألمانية تركيا عدم القيام بخطوات أحادية من شأنها عرقلة الحوار مع اليونان.

وكان ماس قد طالب تركيا بالكف عما وصفه بالاستفزاز في النزاع على الغاز شرق البحر المتوسط.

من جانبه، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي مع نظيرته السويدية، الاتحاد الأوروبي للتخلي عما سماها ازدواجية المعايير التي يستخدمها في العديد من القضايا، ومنها شرقي المتوسط والدعم الذي يقدمه لليونان فقط لأنها عضو فيه.

من جهة أخرى، أعلنت اليونان أنها لن تشارك في محادثات استكشافية مع تركيا بشأن خفض التصعيد شرقي المتوسط، إذا بقيت سفينة التنقيب التركية فيما قالت إنها مياه الجرف القاري للبلاد.

وكانت الخارجية اليونانية قد وصفت استئناف تركيا أنشطة البحث والتنقيب شرقي المتوسط بغير القانوني، وبأنه تصعيد خطير وتهديد للسلام في المنطقة. ودعت الخارجية اليونانية  أنقرة إلى إنهاء أعمال المسح والتنقيب فورا.

في الغضون، تنطلق في بروكسل، أعمال القمة الأوروبية بحضور قادة ورؤساء التي تمتد على مدار يومي الخميس والجمعة لمناقشة أنشطة تركيا الغير قانونية الأخيرة في شرق المتوسط.

تجدر الإشارة إلى أن رؤساء الدول والحكومات الـ27 كانوا وجهوا، مع انتهاء القمة الأخيرة، تحذيرات لتركيا، وأنذروها بفرض عقوبات عليها ما لم تتراجع عن الخطوات التي وصفوها بـ”الاستفزازية” والتي تنتهك سيادة اليونان وقبرص عن طريق التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية لكل منهما.

وقبل ذلك، أشار المتحدث الرسمي الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن بيتر ستانو إلى أن قادة الاتحاد اتفقوا على مراقبة سلوكيات تركيا في الفترة القادمة على أن تُتخذ القرارات لاحقا.

وأضاف ستانو أن الاتحاد الأوروبي يتضامن مع قبرص واليونان، مشيراً إلى أن هناك وحدة كاملة بين الدول الـ27 الأعضاء في هذا الملف.

في سياق متصل، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن “الجهود الدبلوماسية بخصوص التطورات في منطقة شرق المتوسط لم تتعرقل، والطريق مفتوح أمامها”.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المسؤول التركي، خلال مقابلة أجرتها معه، مساء الثلاثاء، قناة تلفزيونية محلية، وتطرق خلالها للحديث عن عدد من القضايا التي تهم تركيا.

المسؤول التركي شدد في الوقت نفسه على أن “أوروبا تعلم جيدًا أن المطالب اليونانية غير عادلة”، مضيفًا “وجهود من يسعون لتضييق الخناق على تركيا من خلال خلق توتر سياسي، لا جدوى منها”

وردًا على سؤال حول ما إذا كان إبحار سفينة التنقيب التركية “أوروتش رئيس” ثانية صوب المتوسط، يعني مزيدًا من التوتر، قال قالن “هم سيحولون الأمر إلى عنصر لزيادة التوتر، وسيعملون على تصعيده”.

وتابع قائلا “هذه المنطقة تشملها خريطة إشبيلية المزعومة التي ليس لها أية صلاحية قانونية. ومن ثم فإنه بما أن أعمال البحث والتنقيب التي تقوم بها أوروتش رئيس، تقع في منطقة الجرف القاري القريبة منا، فلا يوجد وضعًا يقتضي اعتراضًا”.

كانت تركيا قد سحبت السفينة من المياه المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط الشهر الماضي “لإتاحة المجال للدبلوماسية” قبل قمة للاتحاد الأوروبي بحثت فرض عقوبات على تركيا.

وقال الاتحاد الأوروبي خلال القمة إنه قد يفرض عقوبات على تركيا في ديسمبر، على أقرب تقدير، إذا واصلت أنقرة عملياتها في المنطقة.

الدبلوماسي الليبي، السفير رمضان البحباح قال في تصريحات سابقة لـ “مصر العربية”، إن التصعيد التركي اليونانية  ليس حديثا وإنما “تصعيد قديم” له أسبابه ومبرراته الدينية والأيديولوجية، لكن لا يمكن أن يصل إلى الصدام المباشر، فكلا الدولتين أعضاء في حلف شمال الأطلسي ولا يمكن أن يسمح الحلف لأي تصعيد بين أعضائه.

ولفت الدبلوماسي الليبي إلى أنه إن حدثت مواجهة عسكرية، فستقف الدول الأوربية لصالح اليونان، لهذا لن تتجرأ تركيا على أي مواجهة عسكرية مع اليونان مهما كانت حدة الخلاف بينها، وبالتالي فإن أي اتفاقية في منطقة البحر المتوسط لن يكتب لها النجاح إلا بتوافق دولي.

وكانت تركيا قد سحبت الشهر الماضي “عروج ريس” من مياه متنازع عليها “لإعطاء فرصة للدبلوماسية” قبل اجتماع قمة للاتحاد الأوروبي.

وقد أجرت كل من أنقرة وأثينا مؤخرا محادثات سياسية وعسكرية برعاية حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتهدئة التوترات عبر وضع آلية لمنع أي مواجهات عسكرية بين الجانبين.

لكن التهدئة لم تدم طويلا، حيث أعلنت اليونان مؤخرا عن مناورات بحرية في منطقة متنازع عليها مما أثار غضب تركيا التي قررت إجراء مناورات مماثلة.

وكالات

اترك رد