قومية وتسّيس اللقاحات وقتامة المشهد الوبائي وضبط بوصلة التصريحات

109

المهندس سليم البطاينه !!!!!

لا شك أن فيروس كورونا ملف كبير جداً فقد غير العالم وأكتسح الساحات وأطاح بالكبار وبدد الثروات … أنه ملف غامض ومفتوح على جميع الاحتمالات متعددة الابعاد وخطير التداعيات

فعندما تكون المعلومات مُحددة وقابلة للتنفيذ عندها تختلف النتائج … فالتحديات تتعلق بالثقة وعلى صُناع السياسات العمل على مكافحة المعلومات المضللة التي تؤدي إلى ارتباك وفقدان الثقة .. فتأخر المطعوم سيساهم في تأخير السيطرة على انتشار الفيروس

فوضعنا من حيث توفير اللقاحات غير مطمئن والارقام متواضعة فحالات الاصابة عادت إلى الارتفاع وعلى رأي الدكتور عاصم منصور رئيس مركز الحسين للسرطان هناك حالة من الاسترخاء وحجم شدة تأثير الصحة العامة سيعتمد على قدرة الحكومة على توفير لقاحات وإطلاق حملات تلقيح سريعة وشاملة وان لا تتأثر خطة التلقيح بمواعيد تسليم اللقاحات

ففي لقاء مع العين الدكتور هايل عبيدات والمدير السابق لمؤسسة الغذاء والدواء قال قبل أشهر كانت دول العالم تتهافت حول اجهزة الوقاية والكمامات واجهزة التنفس .. الخ واليوم باتت تتهافت وفِي تسابق محموم على اللقاحات ….. فالدول الغنية حجزت معظم الامدادات من المطاعيم المتوفرة بحيث أصبح توريد اللقاحات في العالم يخضع لأعتبارات جيوسياسية دولية وان التنافس أصبح بديلاً عن التعاون

فغياب الالتزام الدولي بتوزيع عادل للقاحات أدى إلى ظهور ما يُسمى بقومية وتسّيس المطاعيم

وإذا استمر هذا الحال فأن حجم خسائر العالم سيصل إلى ٣،٤ تريليون دولار سنوياً … فالدول الغنية في العالم سيطرت على ٨٠٪؜ من اللقاحات … فأمريكا مثلاً حجزت ٥٥٠ مليون جرعة من لقاح كورونا وهذا بحد ذاته يثبت عدم عدالة التوزيع

ف ٤٥٪؜ من عمليات التطعيم تمت في دول مجموعة السبع الغنية والذين يمثلون ١٠٪؜ فقط من سكان العالم …. والخوف من ظهور اسواق موازية ومُزيفة

فتوزيع اللقاحات بشكل عادل ستكون له انعكاسات ايجابية على المدى القصير والمتوسط والطويل سواء على الدول الفقيرة والغنية

فما خسره العالم بسب الجائحة كان كافياً للانفاق على الوقاية منها لفترات طويلة على اعتبار ان تكلفة التصدي للجائحة تجاوزت ١١ تريليون دولار يُضاف اليها عشرة تريليونات أخرى من الايرادات المفقودة بسبب الوباء وان تكلفة الاستعدادات الوقائية لم تكن لتتجاوز خمسة دولارات للشخص الواحد سنوياً وبمبلغ اجمالي ٣٩ مليار دولار سنوياً لكافة سكان المعمورة

فسؤالي إلى اين سيؤدي بالعالم تسّيس اللقاحات ؟ فالوباء ليس مجرد كارثة بل مصدر وحي ايضاً

فتسّيس اللقاح سيعمق الانقسام ويعزز من انعدام الثقة ومن تنامي اللامساواة في المجتمع الدولي علاوة على التنافس المحموم بين القوى العظمى …. فعملية انتاج وتوزيع اللقاحات هي معركة دون دخان هدفها الاستحواذ على السوق العالمي وتحقيق الارباح المالية الخيالية

فالجدل الذي أُثير بشأن دبلوماسية الكمامات عام ٢٠٢٠ سيكون مختلفاً جداً عام ٢٠٢١ فعلى ما يبدو فأن العالم سيعيشُ عَل وقع دبلوماسية المطاعيم

فملف كورونا في الاردن أكبر من ملف صحي والتعاطي الناجح معه سيسهم في دفع عجلة الاقتصاد الى الامام … فوضع الاردنيين الان لا يحتمل الحظر والاغلاق فهم يعيشون ظروفاً صعبة وقاسية فمعظم الاردنيين أصبحوا فقراء وفاقدي الامل بكل شي ….. فلأنه الوطن الذي يحبونه فعليهم في اوقات كثيرة أن يصمتوا وأن يؤازوا وان يهادنوا وأن يقبلوا ما لا يحبونه … فأحياناً تراهم يضحكون لكنهم بنفس الوقت يريدون البكاء على الحالة التي وصلوا لها حالياً

فلا بد من ضبط بوصلة التصريحات لخلق فلسفة موحدة لمواجهة الوباء فالمشهد مضطرب ولا بد أن يتجلى فيه عامل الثقة … فالتصريحات التي تصدر هنا وهناك لها دور كبير في ذروة وقت الازمات فلها دور في تشكيل اتجاهات الرأي العام

اترك رد