الذكرى الخامسة والستون لتعريب قيادة الجيش العربي
الأردن اليوم – تعريب قيادة الجيش العربي قصة وطن، وشجاعة قائد عز نظيرها في حقبة زمنية شهدت محطات مفصلية من عمر المملكة الأردنية الهاشمية، فقد كان الحسين بن طلال – رحمه الله – ملكا في ريعان شبابه عندما اتخذ قراره التاريخي والمفصلي في زمن التكتلات الدولية والحروب، وتربص الأعداء بنا من كل حدب وصوب، وسلب قرارات القادة العسكريين من أبناء الجيش العربي الذين كانوا صفوة الصفوة من شتى أطياف المجتمع الأردني، فهم ينحدرون من أصالةٍ رفضت التطبيع وسعت لبناء جيش عربي العروق.
فالملك الشاب الذي لم يمض على توليه سلطاته الدستورية ثلاث سنوات استطاع بشجاعته، وحكمته، وقوة بصيرته إعادة ترتيب البيت الأردني، ومن سعة إدراكه بأن الجيش هو أساس الدولة، وسر منعتها، اتخذ قرارا شجاعا غير المصير انبثق منه أهداف رسمت للعروبة بصمة، ففي يوم الخميس الأول من آذار عام 1956 اتخذ المغفور له جلالة الملك الحسين – طيب الله ثراه – قراره التاريخي بتعريب قيادة الجيش وإعفاء الجنرال كلوب من منصبه بالإضافة إلى بقية القيادات الانجليزية. ويقول جلالته في كتابه “مهنتي كملك”، “يجهل الرأي العام عموما أن عزل الجنرال كلوب كان قضية أردنية تماما، لأن كلوب كان قائدا عاما للجيش العربي الأردني، وكان يعمل لحساب حكومتي”.
وقد كان قراراً مفصلياً في حياة الأردن السياسية والعسكرية، وكان المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين يدرك أبعاد خطوته الخطيرة والجريئة وما سيترتب عليها ولكنه كان مؤمناً واثقاً بنفسه وبمن يعمل معه على صعيد القوات المسلحة، فهم أحرار حلموا باستقلال قياداتهم وتربعت أحلامهم على عرش العروبة.
وقد أمر جلالته بترقية العميد راضي عناب إلى رتبة لواء وتعيينه رئيساً لأركان الجيش العربي وبذلك يكون اللواء عناب أول ضابط عربي أردني يتولى رئاسة أركان الجيش العربي.
وألقى المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين القائد الأعلى كلمة للشعب الأردني أوضح فيها سبب اتخاذه هذا القرار التاريخي الذي رأى أنه لمصلحة الأردن والجيش العربي، وبُث الخطاب عبر الإذاعة الأردنية.
لقد كان قرار المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه القاضي بتعريب قيادة الجيش قراراً هاماً وتاريخياً ومفصلياً، حيث كان قرارا استراتيجيا بدأ بتعريب رأس الهرم فكان قرار اعفاء الجنرال البريطاني كلوب نقطة تحوّل في الحياة السياسية والعسكرية في الأردن، كما كان قراراً شجاعاً وحكيماً وجريئاً من جلالته، ويعتبر استكمالاً للقرار السيادي العسكري والسياسي في الأردن حيث ترتبت عليه نتائج كبيرة وهامة كان لها الأثر البالغ على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.