ماكرون : ماذا بعد ؟

76

الاردن اليوم : يؤكد الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بانه لن بتنازل عن نشر الرسوم المسيئة للنبي صل الله عليه وسلم , هذا التحدي غير المبرر لمشاعر ملايين المسلمين ومنهم من يتواجد داخل فرنسا يعزز حالة الكراهية وبالتالي مزيدا من ردود الفعل اتجاه هذا السلوك , الذي يقود بالنتيجة الى قطع العلاقات الفرنسية مع العديد من دول العالم الاسلامي , وهو بالتاكيد موقف يرفضه غالبية الشعب الفرنسي.

من المرات النادرة ان يتبنى رئيس دولة حملة عداء ضد اتباع الديانات الاخرى , ويقوم بوصف المسلمين بصفات غير حميدة متناسيا بان جزء من الشعب الفرنسي يدين بديانة الاسلام.

جريمة القتل التي وقعت بحق المعلم الفرنسي مرفوضة اسلاميا ومن قبل جميع اتباع الديانات السماوية  لكن هذا لا يبرر للرئيس الفرنسي الذهاب الى خلق اجواء الكراهية وبالتالي ايجاد بيئة للتطرف والارهاب كردة فعل مقابلة على ما يسعى اليه الرئيس ماكرون بطرح مشروع قانون لمكافحة النزعات الانفصالية الاسلامية , وهو بذلك يصطف الى جانب الاحزاب اليمينية المتطرفة ويعمل على تغيير هوية الحزب الذي ينتمي اليه وهو حزب” الجمهورية الى الامام” وهو حزب ليبرالي اجتماعي تقدمي .

هذا الانقلاب لا يفسر الا بسعي الرئيس ماكرون الى منافسة الاحزاب السياسية  اليمينية  المتطرفة التي يستخدم مصطلحاتها خلال الانتخابات القاددمة للحصول على اصوات المتطرفيين مستغلا حادثة المعلم دون ان يدرك حجم الخسائر والاضرار التي ستطال العلاقات الفرنسيه مع دول العالم الاسلامي او مدى تاثير هذا النهج على الترابط الاجتماعي وعلى مفهوم الدولة المدنية التي تعد فرنسا من روادها منذ قرون.

ان قيم الجمهورية الفرنسية كانت على الدوام محل احترام الشعوب من مختلف الديانات والقوميات , لكن يبدو ان القيم السياسية التي تقوم على مبادئ الانتهازية هي التي تجعل من حزب ليبرالي تقدمي يطرح شعارات عنصرية  مقيتة من اجل كسب عدد من اصوات منافسيه .

المتابع لعلاقات فرنسا الدولية خاصة العلاقات المتردية مع الولايات المتحدة الامريكية وفرض ضرائب امريكية على الصادرات الفرنسية  وتنامي خطاب الكراهية من قبل الاتجاه اليميني المتطرف خاصة ضد المسلمين دفع ماكرون لمواجهة التطرف بمزيد من التطرف والعنصرية بمزيد من التشدد حفاظا على حضوره السياسي ومستقبله الانتخابي دون مرعاة مصلحة فرنسا او قيم الجمهورية الفرنسية .

 

من المؤسف ان تتحول فرنسا الحرة وبعض احزابها السياسية الى اعتماد  خطاب  العنصرية والكراهية من اجل الوصول الى السلطه, دون التوقف ومراجعة الاداء الذي لا يتوافق مع روح فرنسا التي كانت دائما نموذجا باحترام حقوق الانسان فرنسا الديغولية التي عززت القيم الانسانية باتت اليوم بقيم واتجاهات احزاب اليمين عدوة لحرية الانسان وحقوقه.

 

 

 

 

.

اترك رد