كيف ستواجه إسرائيل قرار المحكمة الجنائية الدولية؟

109

الأردن  اليوم :  مسؤولون سياسيون وعسكريون معرضون لمذكرات استدعاء
– أران للأناضول: إسرائيل لن تتعامل مع محققي المحكمة وقد تمنع دخولهم
– باحثة: لا حصانة في المحكمة لمن يشغلون مناصب عليا

بات قرار المحكمة الجنائية الدولية، إطلاق تحقيق رسمي بجرائم حرب، محتملة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، البند الأول على جدول اتصالات ولقاءات مسؤولين إسرائيليين، مع نظرائهم الأجانب.

وأخفقت إسرائيل على مدى اتصالات وضغوط حثيثة، استمرت سنوات، في منع القرار الذي أعلنت عنه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، الأسبوع الماضي.

وقالت بنسودا في بيان، الأربعاء الماضي، حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه “أؤكد على أن مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، سيبدأ بمباشرة تحقيق بخصوص الحالة في فلسطين”.

وأضافت “سيغطي التحقيق الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، والتي يُدَّعى بارتكابها في الحالة منذ 13 يونيو/حزيران 2014، وهو التاريخ المشار إليه في إحالة الحالة إلى مكتبي”.

وفور صدور هذا التصريح، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، ووزير الدفاع بيني غانتس، ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي، والمستشار القانوني للحكومة أفيخاي ماندلبليت، إلى إعلان تنديدهم بالقرار.

ومنذ ذلك الحين، أجرى نتنياهو وأشكنازي وغانتس، عشرات الاتصالات السرية والمعلنة، مع قادة ووزراء خارجية ودفاع دوليين للضغط على المحكمة.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية، بالتحقيق مع مسؤولين حاليين وسابقين، وليس مع دول، بتهم ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية.

وقال مسؤول فلسطيني كبير لوكالة الأناضول، إن عشرات المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، قد يجدوا أنفسهم على قائمة مذكرات الاعتقال مع تعمق تحقيق المحكمة.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن “من بين الأسماء المعرضة للاستدعاء، نتنياهو ووزراء الدفاع غانتس وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بنيت وموشيه يعالون، ووزراء البناء والاسكان الإسرائيليين ورؤساء أركان الجيش الإسرائيلي وأعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)”.

وتابع المسؤول الفلسطيني “يوما ما، لن يجرؤ أي واحد منهم على السفر إلا إلى الولايات المتحدة الأمريكية خشية الاعتقال”.

وتدرك إسرائيل هذه الحقيقة وتتحسب منها، وهو ما يوجّه تحركاتها السياسية الحالية، وربما المستقبلية أيضا.

ويقول شمعون أران، محرر الشؤون السياسية في هيئة البث الإسرائيلية الرسمية باللغة العربية (مكان) إن الحكومة الإسرائيلية “تطعن في شرعية قرار المحكمة الجنائية الدولية، وتعتبر ألا صلاحية لها بإجراء أي تحقيق، وتعتبر أن المحكمة منحازة ضدها”.

وأضاف لوكالة الأناضول “حاليا، تحاول إسرائيل إقناع المزيد من الدول بإبداء معارضتها العلنية لقرار المحكمة الجنائية الدولية والجهد السياسي في هذا المجال مستمر على قدم وساق، بالاتصالات واللقاءات التي يجريها رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية غابي أشكنازي وغيرهم من المسؤولين”.

وتابع أران “أيضا في المجال القضائي فإن المستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبليت يواكب عن كثب هذا الموضوع، وقد أعلن ألا صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية بهذا الموضوع”.

ولكن أران أشار إلى أن إسرائيل تنتظر موقف المدعي العام الجديد للمحكمة، (البريطاني) كريم خان، الذي سيتولى مهام منصبه في شهر يونيو/حزيران المقبل.

وقال “تعتقد المستويات السياسية الإسرائيلية أن المدعي العام الجديد، قد يتراجع عن قرار المدعية العامة الحالية فاتو بنسودا”.

وأضاف أران “كما وجهت إسرائيل رسائل إلى السلطة الفلسطينية بأن التحقيق سيمس بفرص استئناف الحوار السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين”.

ولفت في هذا الصدد إلى أن “إسرائيل حذرت السلطة الفلسطينية من أنها قد تتراجع عن بعض المشاريع الانمائية في الأراضي الفلسطينية، إذا واصلت مساعيها لدفع قرار المحكمة إلى الأمام”.

وأشار أران إلى أن “إسرائيل لن تتعامل مع محققي المحكمة الدولة، وقد لا تسمح لهم بدخول الأراضي الإسرائيلية في حال الشروع بالتحقيق”.

ولم تحدد المدعية العامة للمحكمة بنسودا الموعد الفعلي لبدء التحقيق.

وقالت في بيانها “ستُحدد الطريقة التي سيتبعها المكتب لوضع أولويات التحقيق في الوقت المناسب، وفي ضوء التحديات العملية التي نواجهها بسبب الجائحة والموارد المحدودة المتوافرة لنا، وحجم العمل الكبير الذي لدينا حالياً. ولكن هذه التحديات، مهما بلغت جسامتها وتعقيدها، لن تثنينا عن الاضطلاع بالمسؤوليات التي يفرضها النظام الأساسي على المكتب”.

واستدركت “إن التحقيقات تستغرق وقتاً، ويجب أن تستند إلى الوقائع والقانون استناداً موضوعياً. وسوف يتبع مكتبي عند اضطلاعه بمسؤولياته النهج ذاته، الذي يستند إلى المبادئ ولا ينحاز إلى أي طرف، الذي يسير عليه في جميع الحالات التي تدخل في اختصاصه”.

من جانبها، ترى الباحثة في معهد دراسات الأمن الوطني في جامعة تل أبيب، بنينا باروخ، أن قرار المحكمة، يفتح الطريق لمكتب المدعي العام، لإطلاق تحقيق في جميع مناطق الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة.

وأضافت في دراسة حصلت الأناضول على نسخة منها “أما بالنسبة للجداول الزمنية، فإنه في ضوء حقيقة أنه من المقرر استبدال المدعي العام يونيو/حزيران 2021، فمن المحتمل أن تمتنع (بنسودا) عن الخطوات العملية في هذه المرحلة، ففي خطابها في ديسمبر 2020، أعلنت أنها تعتزم التشاور مع خلفها فيما يتعلق بإعطاء الأولوية لتحقيقات المحكمة”.

وكان الفلسطينيون طلبوا من المحكمة التحقيق في 3 ملفات رئيسية وهي الحرب الإسرائيلية على غزة والاستيطان في الأراضي الفلسطينية والأسرى في السجون الإسرائيلية.

ولكن المسؤولين والمراقبين الفلسطينيين والإسرائيليين والدوليين يتوقعون أن يكون ملف الاستيطان هو أقوى الملفات المطروحة على طاولة المحكمة.

فقد تلجأ الحكومة الإسرائيلية للقول بأن محاكمها أو جيشها قد حقق في عمليات عسكرية جرت في الأراضي الفلسطينية.

وتضيف باروخ “أما بالنسبة للمستوطنات فلن يكون بالإمكان بالطبع الاعتماد على وجود تحقيق في إسرائيل، حيث لا تعتبرها دولة إسرائيل نشاطًا غير قانوني”.

وأردفت باروخ “إذا تم فتح التحقيق، فمن المفترض أنه سيركز بشكل أساسي نسبيًا على الشخصيات البارزة، وليس على الجنود أو الضباط، إلا في الحالات البارزة مع ما يكفي من الوثائق المتاحة”.

وقالت “التحقيق يمكن أن يمتد أيضا إلى القيادة السياسية، فلا حصانة في المحكمة لمن يشغلون مناصب عليا، بما في ذلك رؤساء الدول الحاليين”.

وأضافت “التحقيق عملية مطولة ومعقدة، تتطلب أخذ الشهادة وتقديم الأدلة، ويصعب القيام به دون تعاون”.

وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت أنها ستتعاون بشكل كامل مع المحكمة، ولكن إسرائيل، كما أشار أران، تتجه إلى عدم التعاون مع محققي المحكمة.

ولكن عدم تعاون إسرائيل مع المحكمة الجنائية الدولية لا يعني عدم إطلاق التحقيق، الذي قد يصل إلى مرحلة إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين.

وقالت صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية “إذا أصبح الوضع أكثر خطورة، فمن المرجح أن تقوم إسرائيل بإعادة تنشيط شبكتها العالمية من محامي الدفاع في غضون بضع سنوات أو حتى أشهر”.

وأضافت يوم الخميس الماضي “من المرجح أيضًا أن تحافظ على حوار منتظم مع الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 123 دولة، لمعرفة إذا ما كانت ستتحرك في حال إصدار المحكمة مذكرات توقيف”.

ولفتت الصحيفة في هذا الصدد إلى أن بعض الدول “قد تتجاهل هذه المذكرات”.

وقالت “قد يُبرم كثيرون آخرون اتفاقًا ثنائيًا هادئًا مع إسرائيل، لإبلاغهم بأسماء المسؤولين الإسرائيليين الذين يجب عليهم تجنب السفر إلى بلدانهم، لتجنب أي صراع أو إحراج”.

الأناضول

اترك رد