المهندس سليم البطاينه !!! بطون الاردنيين إنتفخت من الجوع
المهندس سليم البطاينه !!! بطون الاردنيين إنتفخت من الجوع
نعرف جيداً أن الفقر من أعقد المُشكلات ، لكن ما يزيده تعقيداً هو ارتباطه بمشكلة الجوع … والجوع ليس ملعقة للفضيلة ولا سكيناً للرذيلة .. فهو صاعقة تُصيب هزيل الاجساد
فالجوع دخل بيوت الاردنيين وبدأ يطرق الابواب في كل المناطق وأخذ ينهش بأجساد الناس والتي باتت عاجزة عن طرده أو حتى التصدي له
فمشكلة الجوع أصعب كثيراً من كورونا لأن الناس ستنسى صحتها مقابل جوعها … فعندما يوضع الانسان امام خيارات أهونها شر تسقط عندها المحاذير والمحذُرات ونصبح أمام شعب لا تُعنيه الكورونا … فعندما يجوع الانسان تسقط كُل المُحرمات والاخلاق وتُصبح مرتبطة بلقمة الخبز
لأن الناس لن ترحم اذا جاعت وستكثر الجريمة والسرقات والمخدرات والامراض النفسية مقابل لقمة عيشهم التي باتت عزيزة
فلدي سؤال للحكومة كم عدد الاردنيين الذين يفتقرون إلى الامن الغذائي ؟ وهل تعلم الحكومة أن حوالي ثُلثي الناس يبتاعون حاجياتهم الغذائية بالدين !!!! وغالبيتهم يقفون على حافة الجوع
فأحياناً كلماتي مُزعجة لكن لا بد لهم أن يعرفوا جيداً أن هناك فرقاً شاسعاً بين من يفكر للوطن وبين من يُفكر ضد الوطن … فالذي نكتبه هو ما نُشاهده وهو بصدق ما يشعر به عامة الناس …… فالكاتب الذي لا يخدم وطنه في ذروة ازماتها هو كاتب فاشل … فأجمل أنواع الكتابة هي التي تُعيد تعريف الاشياء ولا تختبىء خلف التعريفات وتذوب بين معاني الكلمات
فالتناقضات والمُفارقات التي تطول وتكتنف المشهد الاردني فاقت حدود السريالية وأصبح المشهد عصي عن الفهم والتحليل وبلغت درجة الكوميديا السوداء
فما يجري هذه الايام داخلياً يدخل في خانة الرسوم المتحركة وعالمها اللامعقول … فبتنا نعيش في متاهة لا نعرف سبيلاً للخروج منها وأصبحت تحركاتنا تقودنا من خطأ إلى خطأ ومن مشكلة إلى أخرى ومن أزمة إلى ازمة
فعلى ما يبدو أن الزمان لن يقف على الحياد بيننا وبين ازماتنا …. فالأردنيين يتطلعون لغد مُشرق لكننا نفتقد وللاسف حالياً الكثير من الشخصيات الكاريزماتية المؤثرة في الراي العام لديها رؤى ومشاريع اصلاحية …. فما زال هناك الكثير من النُخب تعيش حالة من النكران ولا تعنيهم أزماتُنا ويتقاتلون على المُحاصصة والتوريث والتدوير …..
وهذه الطبقة لا تقرأ وذاكرتها مخزوقة وعقلها متحجر وأهتماماتها فقط لحماية مصالحها ومكتسباتها فقد سُئل الأمام علي بن أبي طالب من هم أحقر الناس ؟ فقال من ازدهرت أحوالهم يوم ان جاعت اوطانهم
فالاردنيين كانوا سابقاً يعجون بالحياة لكنهم حالياً بات القلق والحيرة والتوتر والاضطراب سيد افكارهم .. فمن قال ان الموت فقط هو موت الجسد ؟ فالموت الحقيقي هو عندما يموت كل شيء في الانسان فيما نبضه على قيد الحياة .. فالاردنيين ما عاد في جسدهم مكان لجرح جديد وعامل الارادة يجب ان يسبق عامل القوة …… فالجنرال الفرنسي ديغول وصف التاريخ على انه حصان جامح يمرُ من باب بيتك مرة بالعمر وعليك أن تمتطي صهوته أو يفلت منك إلى الابد
فمجرد أن نُردد كلمة جوع يقفز فوراً إلى اذهاننا الفقر والعوز وسد الرمق .. فقد أصبح الاحساس بالطمأنينية نوعاً من الترف بعيد المنال وحل مكانه اليأس والاكتئاب بدرجات متفاوتة
فللاسف فهذا هو حال الاردنيين وتلك هي حالتهم التي تأبى الرحيل وتمسك بتفاصيل الحياة كأنها خارطة طريق
فلم يعُد الجوع بمفهومه التقليدي يشغلُنا لأنه تجاوز نطاق ملىء البطون ليصبح حالة من البحث عن الاستقرار