البطاينة: الاصلاح السياسي عملية مرتبطة بفكرة بناء الدولة لتقويم الاعوجاج وتصويب الأخطاء

70

المهندس سليم البطاينة الاصلاح السياسي عملية مرتبطة بفكرة بناء الدولة لتقويم الأعوجاج وتصويب الأخطاء

لا إبالغ ان قلت ان الاردنيين في هذه الايام هم من أكثر شعوب الارض ولعاً بالسياسة فقد تضخمت السياسة في حياتهم …. فكل واحد هو رجل سياسة .. فأنت لا تكاد ان تتحدث مع أي كان إلا تجده يحاورك بالسياسة أو يسئل عنها … ويتحدث معك عن مفردات ومصطلحات سياسية كبيرة مثل الحريات العامة والبطالة بين الشباب والدين العام للدولة والفساد والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان .. والانتخابات النيابية ونزاهتها وقانون الانتخاب السيء ومجلس نواب لا يُمثل غالبية الاردنيين من شتى الاصول والمنابت واستحالة ان يكون هذا المجلس حاضنة شعبية لقيادة الاصلاح.. والانتخابات المُبكرة والتفاوت في الرواتب وتدوير وتوريث المناصب …. الخ من تلك المصطلحات والمفردات التي تشغل بال الاردنيين حالياً

فهذا الاهتمام المفرط بالسياسة بات أكثر تضخماً وهذا فعلياً ما نلمسه وما تعكسه وسائل التواصل الاجتماعي

فهيبة الحكومة تأتي من رضا الناس على إدائها وعلى الحكومة ان تقود الشارع لا ان يقوم الشارع بتحريك الدفة شمالاً ويميناً

فمن يتجول في الشارع سيرصد الاف المواطنين في حالة قلق وفوضى في احوالهم وافكارهم وتوتر معيشي لم تشهده البلاد من قبل

فالاضطراب المجتمعي يتغلغل بقوة بين الناس .. والمشهد مُتقطع الأوصال لا تزيده الايام إلا تعقيداً .. والاردنيين ينظرون إلى المستقبل بعيون خائفة .. فحينما يختلط الحق بالباطل يصبح الباطل سيد الموقف … فالناس لم يعُد باستطاعتها تحمل المزيد من القرارات العشوائية الغير مدروسة

ولا بد من مراجعة شاملة وفتح الابواب كي تُساعد في خروجنا من ازماتنا …فأذا أمعنا كثيراً سنرى عمق وخطورة التحديات والازمات التي نحن بها … فقلب الحقائق يعني جنوح الفكر .. فلا بد من الاعتراف اننا وسط كومة من الازمات

فالفراغ السياسي يُضعف الدولة ومؤسساتها ويترك الناس بلا مشروع أو طموح نحو المستقبل … فالسياسة مثل الطبيعة تخشى الفراغ وكل فراغ هو تعبير عن أزمة مفتوحة

فالاردنيون على أعتاب مئوية جديدة من عمر دولتهم وهم بأمس الحاجة للدخول في آفاق مرحلة جديدة عنوانها الاردن الجديد ……. فاللأسف فقد عانينا طويلاً من التعثر بين الديموقراطية والاصلاح السياسي حيث تم ممارسة الديموقراطية بشكلها الخاطىء

فالاصلاح السياسي هو من ابرز عناصر منظومة الامن والاستقرار وهو لم يعُد ترفاً بل أساسياً للتغلب على كافة التشوهات السابقة ….. فمعظم السياسات السابقة كانت في اطار قنوات ضيقة واحدثت فجوة كبيرة في الثقة بين كافة الاطراف وكانت اكثر الفئات تأثراً بتلك السياسات هم الشباب الذين ضاع طموحهم فلا عمل لهم

فالاردن بحجمه وموقعه وأفتقاره لمصادر الطاقة والمياه وندرة شواطئه بحاجة إلى تفكير جديد من نوع اخر وان يعيد النظر بكافة اشكال السياسات السابقة …. فمن الاستحالة ان يتم ادارة مفاصل الدولة والحكومة بالطرق القديمة

ففي معظم بلدان العالم هناك قوتان تتصارعان بخصوص الاصلاح .. واحدة هي الاكبر وهم الناس والذين يطالبون دوماً بالاصلاح والعدالة الاجتماعية ولكنهم لا يملكون إلا قوة الارادة … والقوة الاخرى هي الاقلية وغالبيتهم من من أصحاب المصالح التي تقف في وجه الاصلاح وبيدها كل الادوات

فالمطلوب عدم جعل الحماس للاصلاح موسيمياً وان لا يكًون بسبب ردة فعل .. بل يجب ان يكون نابعاً عن قناعة حقيقية …. فغياب الاصلاح قاد الى معظم صور المعاناة التي نعيشها حالياً

والسؤال الان هل تستطيع الحكومة تحويل الاصلاح من عدو تخشاه إلى صديق ترجى فائدته … فالاصلاح السياسي هو المدخل الطبيعي لكل الاصلاحات

فقانون انتخاب جديد وانتخابات مُبكرة هو الخطوة الاولى للاصلاح .. فمن شأنهم رسم خارطة سياسية جديدة … فالتشكيلة الحالية للمجلس لن تؤدي إلى تغير في الواقع السياسي ..فالمجلس مُفرغ من السياسة ومن المعارضة … فقوة التوازن داخل مجالس النواب في دول العالم تقوم على محوريين هما الحكومة والمعارضة والتي هي الركن الرءيسي والاساسي في بناء النظام البرلماني …. فلا بد من اعادة الثقة بمؤسسة البرلمان .. فمكانة المجلس مهمة ودوره كبير ولا بد من اعادة مكانته الحقيقية واعادة هيبته

وعلى العموم سيبقى المشهد متأزماً دون الاقرار بنقاط الضعف ودون وجود قدرٍ من التفكير السياسي الجديد والاهم من كل ذلك هو تدخل جلالة الملك … فعملية الاصلاح التي ستقلع قريباً لن تتحمل انتكاسة يكون احد اسبابها قوى الشد العكسي

اترك رد