مجلس الأمن الغذائي

142

الاردن اليوم – كتب د.ليث نصراوين

أقر مجلس الوزراء قبل أيام الأسباب الموجبة لمشروع نظام مجلس الأمن الغذائي لعام 2022، والذي يأتي تنفيذا لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام (2022-2033)، التي نصت في قطاع الصناعات عالية القيمة على تأسيس جهة متخصصة بالأمن الغذائي، بهدف الحد من تأثر المملكة بأزمات الغذاء الدولية، والتغير المناخي الذي يؤثر على منظومة الأمن الغذائي الوطني.
وقد تضمن مسودة النظام الجديد إنشاء مجلس مستقل يسمى «المجلس الأعلى للأمن الغذائي» الذي سيتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري، وسيكون له بهذه الصفة الحق في القيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لتحقيق أهدافه، وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة. وسيترأس هذا المجلس رئيس الوزراء، ويضم في عضويته عددا كبيرا من الوزراء، بالإضافة إلى رؤساء غرفتي الصناعة والتجارة، ومدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، وغيرهم من الشخصيات ذات الصلة بأهداف المجلس.
وقد تحددت أهداف المجلس بمراجعة واقرار السياسات والخطط الاستراتيجية والتشريعات ذات الصلة بالأمن الغذائي، ومتابعة وتقييم سير العمل والتقدم المنجز في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، وتوفير المتطلبات والدعم الفني واللوجستي اللازم لتطوير وتسريع تحقيق الأمن الغذائي. كما يهدف المجلس الجديد إلى وضع الخطط الكفيلة بمواجهة الأزمات التي تواجه تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الأمن الغذائي تمهيدا لتحول المملكة الى مركز إقليمي للأمن الغذائي.
وكنتيجة طبيعية لإعطاء المجلس الأعلى للأمن الغذائي الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، فإنه سيكون له جهاز إداري تنفيذي يرأسه أمين عام يتبع له عدد من الموظفين الذين سيتم تعيينهم للعمل في المجلس. وستكون الموارد المالية للمجلس من المبالغ المخصصة له من الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى الهبات والتبرعات والمنح المقدمة له.
وسيحل هذا المجلس الجديد محل المجلس الزراعي الأعلى المنشأ بموجب النظام رقم (53) لسنة 2006، الذي بدوره قد حلّ محل المجلس الزراعي المنشأ بموجب النظام رقم (24) لسنة 1989، وقبله كان المجلس الزراعي المنشأ بموجب النظام رقم (22) لسنة 1979.
وعلى الرغم من التشابه بين المجلس الزراعي الأعلى الذي سيتم إلغاؤه والمجلس الأعلى للأمن الغذائي المنوي إنشاؤه من حيث رئاسة المجلس وعضوية عدد من الوزراء فيه، إلا ان الاختلاف الجوهري بينهما يتمثل في الطبيعة القانونية لكلا المجلسين. فالمجلس الأعلى للأمن الغذائي قد تقرر منحه الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، في حين أن المجلس الزراعي الأعلى لعام 2006 والمجلسين الزراعيين للعامين 1989 و1979 لم يتمتعوا بأي استقلال مالي وإداري عن السلطة التنفيذية.
وعليه، فإن التساؤل القانوني الأبرز يتمثل في الإضافة التي سيحققها إعطاء الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري للمجلس الأعلى للأمن القومي، وفرص نجاحه في القيام بمهام عمله في ظل هذه الاستقلالية، خاصة وأن المجالس الزراعية السابقة لم يكن لها أي كيان قانوني مستقل.
كما أن إنشاء مجلس مستقل جديد ليضاف إلى المؤسسات المستقلة الموجودة حاليا، والتي يتم الصرف عليها ودفع رواتب العاملين فيها من الموازنة العامة للدولة، يثير تساؤلات حول الرغبة الحكومية في التقليل من ظاهرة الهيئات المستقلة وترشيد النفقات، خاصة وأن جزءا من الأعمال المتوقعة من هذا المجلس الجديد كان يمارسها المجلس الزراعي الأعلى منذ عام 2006 ومن قبله مجالس زراعية، لم يتم الاعتراف لها بالشخصية القانونية.
وتبقى الإشارة إلى أن المجالس الزراعية السابقة في الأردن قد أنشئت بموجب أنظمة خاصة صادرة استنادا لأحكام المادة (120) من الدستور، والتي تعطي الحق لمجلس الوزراء بإصدار أنظمة مستقلة تتعلق بالتشكيلات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية. إلا أن الأنظمة السابقة للأعوام 2006 و1989 و1979 لم تقرر منح هذه المجالس الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ذلك على عكس مشروع النظام الجديد.
إن المادة (120) من الدستور يجري استعمالها لإنشاء مراكز ومجالس مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ذلك على الرغم من أن المجلس العالي لتفسير الدستور قد اعتبرها في قراره التفسيري رقم (1) لسنة 2005 أنها أنظمة لها قوة القانون، ولم يضعها في مرتبة القانون الذي يتم من خلاله إنشاء الكينونات المستقلة.
laith@lawyer.com

اترك رد