حول مطالبة الاردن بتسهيل اجراءات سفر الفلسطينيين
د. هايل ودعان الدعجة
ما يقوم به الاردن من اجراءات سفر في المطارات والمعابر الحدودية بشكل عام .. هي الاجراءات المطلوبة والمطبقة بكافة دول العالم .. وبالتالي ليس المطلوب من الاردن اختصار اجراءات سفر مطلوبة وفقا لمعايير الطيران العالمية .. لان هذا سينعكس سلبيا على سمعة قطاع الطيران الاردني .. بصورة قد تؤدي الى عدم الوثوق به وباجراءاته ، والتشديد من اجراءات السفر على المسافرين القادمين من المطارات والمعابر الحدودية الاردنية تحديدا في مطارات الدول الاخرى . ففي مطار الملكة علياء الدولي مثلا ، كانت تخصص كاونترات تشييك للمسافرين الى الولايات المتحدة بطلب من سلطاتها .. والتي كانت تحتاج الى اجراءات سفر طويلة تستغرق وقتا طويلا ، مما كان يتطلب من المسافر الى اميركا الحضور الى المطار بوقت اطول من تلك الاوقات التي يتطلبها حضور المسافر الى دول اخرى ..
وفيما يتعلق بالاعداد الكبيرة من الفلسطينيين الذين يسافرون عبر المعابر الاردنية ، فانها هي التي تبرر تأخيرهم ، كما حصل مؤخرا من اكتظاظ في اعداد المسافرين الفلسطينيين عند جسر الملك الحسين ، بسبب الزيادة غير المسبوقة في اعدادهم ، ترافق ذلك مع وجود مشكلة لوجستية تمثلت بعدم التزام الجانب الاسرائيلي بالترتيبات المتعلقة باوقات الدوام المتفق عليها مع الاردن ، وتخفيض قدرته الاستيعابية لاعداد المسافرين الفلسطينيين القادمين من الاردن ، الذي يحرص على توفير البيئة المريحة لهم والإمكانات اللازمة للتخفيف عليهم ، ومضاعفة عمل كوادر الجسر خلال أوقات العمل الرسمي، لتسهيل اجراءاتهم ومرورهم بأسرع وقت ممكن .
اما موضوع مطار رامون.. فأمره بيد السلطة الفلسطينية .. التي تستطيع ان تتحكم بالمسافر الفلسطيني وتوجهه الى اي من المطارات يستخدم .. بحيث تراعي وتأخذ باعتبارها ضرورة المقارنة ما بين استخدام مطار رامون الذي تديره دولة الاحتلال ، وما بين مطار الملكة علياء الذي تديره دولة شقيقة تقف بكافة امكاناتها وطاقاتها وقدراتها ومواردها الى جانب الشعب الفلسطيني وتتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية وطنية اردنية استراتيجية ومركزية.
مع ملاحظة ان هناك مجازفة فلسطينية ترتقي حد الخطورة في حال استخدام المعابر والمطارات الإسرائيلية من قبل الفلسطينيين ، سيكون لها تداعياتها السلبية على حقوقهم وفقا لحل الدولتين ، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود ضمن مفاوضات الحل النهائي ، التي تتضمن معابر دولية معترف بها لحركة الأشخاص والبضائع ، الامر الذي سيؤثر سلبيا في مسار هذه المفاوضات .
مع التأكيد هنا بان أسوأ ما في موضوع انشاء مطار رامون الذي تأسس ٢٠١٩ .. ان الكيان الاسرائيلي يعول على الفلسطينيين في انقاذه من الفشل الذي لازمه منذ تأسيسه حتى وصلت حركة المسافرين فيه في احد السنوات ٤٨٠٠ مسافرا فقط ( وفي احد الاشهر ٢٠ مسافرا فقط ) .. وهذا ما روج له الرئيس بايدن في زيارته الاخيرة الى المنطقة .. وان السماح للفلسطينيين باستخدام المطار سيقابله اغلاق ملف الجرائم الاسرائيلية في المحكمة الجنائية .. اضافة الى ان فكرته جاءت في اعقاب ضربات المقاومة الفلسطينية التي عطلت الملاحة الجوية في مطار بن غوريون الرئيسي وعزلت اسرائيل عن العالم .. ليكون مطارا بديلا له في حالات الطوارئ .. ليأتي الجانب الفلسطيني متطوعا ليساعد الكيان الاسرائيلي على تحقيق اهدافة من انشاء المطار .. الامر الذي لا يحدث الا بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية في تأكيد على انها بصورة الموضوع ..
دون ان نغفل الاضرار التي سيلحقها استخدام مطار رامون من قبل الفلسطينيين بالمصالح الاقتصادية الاردنية في مقابل خدمة المصالح الاسرائيلية . اضافة الى ان البعد الوطني والقومي والنضالي يحتم على المسافر الفلسطيني عدم التعاطي مع موضوع استخدام مطار رامون بحسابات مادية او انه مجرد كلف مالية وتوفير مبالغ مالية ، بل عليه مراعاة ابعادا اخرى .. لعل ابرزها البعد السياسي وما يترتب عليه من اعتراف بالمحتل والتطبيع معه وباستخدام مطاره واظهار العلاقات معه بانها طبيعية وانه يساعد الفلسطينيين ويسهل اجراءات سفرهم وتنقلهم ، مما يحسن من صورته امام العالم . وهو الذي يعرف جيدا كيف يستغل هذه الثغرة ويحولها الى فرصة ثمينة ويوظفها في خدمة مصالحه وتعزيز مواقفه وكسب تعاطف المجتمع الدولي في صراعه مع الجانب الفلسطيني وجعل معادلة هذا الصراع تميل لصالحه على حساب مصالح الشعب الفلسطيني وتضحياته وحقوقه المشروعة.