مشكلتنا في الثقافات. أين الخلل؟!

47

عوني الداوود

حين نشخّص أية مشكلة أو قضية تكون الاجابة عادة اننا نفتقر الى «الثقافة « في تلك المشكلة أو القضية لنجد أنفسنا وقد بتنا نفتقر الى «الثقافة» في كل شيء !

دخولا في التفاصيل .. لاحظوا معي أننا حين نشخّص مشكلة الازمات المرورية – مثلا- نقول من بين الوصفات العلاجية أننا بحاجة ماسة للثقافة المرورية !.. كما نقول أننا تنقصنا دائما « الثقافة الاستهلاكية» في التعامل بمواجهة ارتفاع اسعار السلع او نقص اصناف معينة !

باقي القطاعات حدّث ولا حرج .. فلدينا غالبا نقص في «الثقافة الصحية « .. والمالية والاقتصادية والسياحية والبيئية .. وبالتأكيد «الرقمية» … الى آخر سلسلة الثقافات وحتى ثقافة التربية والتعليم وربما «ثقافة الثقافة» ؟ .. فأين الخلل وأين تكمن المشكلة ؟

– هل هي في مناهج التعليم حتى بتنا لا نواكب تطور كل هذه الثقافات ؟

– هل هي في ثورة مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت ثقافة قشور غير مبنية على مخزون معرفي استراتيجي ؟

– هل المشكلة في عدم قدرتنا على مواكبة التسارع في جميع العلوم والمتغيرات في كافة القطاعات؟ 

– أين الخلل ؟

يمكن ان نتفّهم ان كثيرا منّا تنقصه ثقافات جديدة في التعامل مع التطورالرقمي مثلا ومستجدات الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني والثورة الصناعية الرابعة وغيرها من تلك المستجدات .

ويمكن ان نتفهم ان كثيرا منا تنقصهم الثقافة المالية المستحدثة خصوصا تلك المتعلقة بالعملات الرقمية مثل «البتكوين» وغيرها .

لكن هل يعقل اننا في هذا القرن تنقصنا ثقافات تتعلق بسلوكيات من المفترض أننا ورثناها عن آبائنا وامهاتنا ، حتى باتت تنقصنا ثقافات الزواج وأخلاقيات تعامل الزوج مع الزوجة والعكس .. وثقافة تربية الاطفال ..والتعامل مع الجيران؟  

وفي تساؤل آخر: هل نحن نحمّل كلمة الثقافة مسؤوليات اكبر من معنى الكلمة حتى نعلّق شماعات فشلنا على الثقافة ؟

وحتى لا استطرد كثيرا فانني أحمد الله ان معالي البروفيسور عزمي محافظة كان مشاركا رئيسا في الورشة الاقتصادية التي نظمها الديوان الملكي وبالتعاون مع الحكومة وهو أيضا يرأس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج ، والربط بين الاثنين « الورشة « و» المناهج « تكمن في أن غالبية مبادرات الورشة تدعو الى نشر الثقافة المالية والعلمية والرقمية وغيرها من الثقافات التي تحتاجها قطاعات اقتصادية في زمن نتحدث فيه عن اقتصادات المعرفة .. والربط مع مناهج يبدو انها بحاجة لان تحتوي على كثير من الثقافات او تقود النشأ الى فتح ابواب الريادة والمعرفة بأنفسهم ، وعلى المناهج مسؤولية الارشاد الى ذلك بدلا من المناهج القائمة على مجرد الحفظ .

في هذا الزمن نعم نحن بحاجة لكثير من الثقافات المتسارعة ولكن المهم من اين نبدأ ؟ هناك ثقافات الزامية لا بد من تعلمها والتعاون على غرسها في أجيال الحاضر والمستقبل، وهي التي تعتمد على السلوكيات حتى يستطيع الجيل الصمود امام اسلحة الدمار الهدّامة من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من مستجدات العصر والتسلح بثقافات علمية وسلوكية وتربوية تعتمد على «الثقافة الاعلامية والتربوية « في مواجهة الاشاعات والفتن والعنصرية واغتيال الشخصية وغير ذلك .

في المقابل فاننا بالتأكيد نحتاج الى ثقافات متخصصة كلّ حسب حاجته حتى لا نتخلف عن ركب قطار الثقافات الذي لن يتوقف أبدا .

 

اترك رد