في أدبيّات تبادل المعلومات

67

كتبت نيفين عبد الهادي…

أدبيات تبادل المعلومات، وسرعة نشرها، في كل مرة نعتقد أننا تجاوزناها وبات تداول أي خبر أو معلومة أو قضية يقف عند حدّ معين، نفاجأ بأننا نعود للمربع الأول في سبل نشرها وآليتها دون مراعاة لأدنى معاني الإنسانية أو خصوصية الأشخاص أو مراعاة طبيعة الحدث والقضية والخبر الذي يتم تناقله، ليبدو واقع الحال في هذا الجانب للأسف غاية في التخبّط وعشوائية المشاعر قبل المعلومات!!!

مع كل حدث استثنائي أو قضية تحدث نرى أن حالة مكثّفة من تبادل المعلومات ونشرها سيطرت على بعض وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام، بصورة لا تخدم أحدا ولا تقدّم معلومة حقيقية أو حتى مفيدة، إنما هو لفّ ودوران في حلقة مفرغة من الفائدة والدقّة والمصداقية، والغاية فقط الانتشار وجمع عدد من المتابعين ولو كان على حساب حياة أشخاص والحاق الضرر بهم وحتى بالصالح العام، مبتعدين عن أي أخلاقيات وأعراف والقيم، مغلّبين فضولهم وشهرتهم ومصالحهم الذاتية على أي مصلحة أو خصوصية غيرهم.

للأسف ما يزال هناك قصور كبير في شكل أدبيات تبادل المعلومات ونشرها، وهنا لا أتحدث عن مفاهيم إعلامية صحفية بهذا الشأن، إنما هي أخلاقيات وأدبيات على الجميع الالتزام بها عند الحديث عن أي موضوع أو قضية سيما إذا أخذت طابعا إنسانيا وتأخذ خصوصية، فمن أكثر أوجه الظلم واستباحة حياة الآخر الخوض فيها، وتبادل معلومات ووضعها محل نقاش وتحليل، وقراءات عمليا لا تقدّم ولا تؤخر بإضافات معلوماتية، وكل ما تقدّمه هو زيادة عبء المشكلة أو الواقعة أو القضية على أصحابها، فكثيرة هي القضايا التي تفرض خصوصيتها أو طبيعتها أن يقف تداول المعلومات بها حتى قبل أن يبدأ.

ليس ماراثونا للمعلومات عندما يحدث حدث مختلف، بالتالي على الجميع من وسائل اعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مراعاة ذلك، فالمهم في مثل هذه الأمور مراعاة الخصوصية وظروف من يعيش هذا الحدث ويعاني تبعاته في حال كان سيئا، أحدا لا يبحث عن المعلومة ومن يبحث عنها فهو بعيد عن القيم والأعراف، ذلك أن التفاصيل دوما تخصّ من يعيش الحدث وليس من يسمع عنه، نتيجة فضول أو شهرة أو سعة انتشار، وعدم تدفق المعلومات في قضايا معينة حتما لا يقض مضجع أي أحد ولا يقلقه عدم معرفة التفاصيل التي هي أولا وآخرا ليست من حق أحد معرفتها، فهي حصرية لأصحابها وأبسط حقوقهم عدم الخوض بها من قِبل العامة، وأن يكونوا مادة يتم تداولها!!!

في أدبيات تبادل المعلومات يجب مراعاة طبيعة القضية التي يتم تداولها، واحترام مشاعر أصحابها ضرورة وليست ترفا، وخلاف ذلك نحن نقف أمام مشكلة كبيرة يجب وضع حدّ لها فمن غير المقبول أن تكون المعلومة سببا في زيادة حجم قضايا متعددة، وتعميق نتائجها سيما إذا كانت حساسة وتتعلق بحياة شخصية لأي شخص أو أسرة، فالحياة الخاصة للأفراد حكر عليهم وليس من حق أي شخص التدخل بها أيّا كانت تفاصيلها استثنائية، فتحويل القضية الخاصة إلى عامة ليست من حق أحد، ولا مبرر لها، وتبعد أميالا عن أدبيات تبادل المعلومات.

اترك رد