العموش يكتب: “لجمال الصرايرة”

296

كتب د. بسام العموش…

تعود علاقتي بمعالي جمال الصرايرة إلى عام ١٩٩٣ “يوم كنا نوابا” في مجلس النواب الثاني عشر، حيث كانت علاقة حميمة ولا تزال، فالأخ جمال لطيف المعشر حلو اللسان مع وجه طلق، فالعلاقة الشخصية لا غبار عليها .

وليسمح لي أن أعلق على ما كتبه مؤخرا” فأقول :

-هناك أمور مشتركة لا خلاف فيها منها : مضامين رسالة عمان ولعلم الجميع فقد وضعناها هدفا من أهداف رابطة علماء الأردن، ومما هو مشترك احترام المقام الملكي، والدعوة لسماحة الاسلام ونبذ العنف والتطرف والإرهاب والتكفير، وضرورة تعليم المسلمين ودعوتهم للتمسك بهويتهم الثقافية وعقيدتهم الصافية، وكذلك مناهضة الفكر المنحرف الذي يذبح المسلمين ويقتلهم بدءا من “الخوارج القدماء و وصولا إلى الخوارج الجدد داعش” صنيعة القوى الغربية التي زادت من الاسلامفوبيا في العالم وكل العالم يعرف أن أحداث ١١ سبتمبر لم تصنعها القاعدة بل صنعتها أمريكا نفسها .

-وهناك أمور لا بد من ايضاحها بخصوص “التصوف”، فمن البداية أقول لأخي جمال هذا هو ميداني وتخصصي كما هو تخصصك في الهندسة وأرامكو والبوتاس، فالتصوف أنا من يعرفه ويميز بين التصوف والمتصوف، وأقول على رؤوس الأشهاد أنني مع التصوف النظيف الخالي من الشوائب وادعاءات الولاية، لعلمك أخ جمال أنني كما تعلم كنت في مدرسة الاخوان المسلمين التي عاش مؤسسها وهو طفل في الطريقة الحصافية، وأن الجانب الروحي في الاخوان واضح في مناهجهم التربوية حيث قراءة الورد اليومي من القرآن “قراءة جزء” وحفظ أدعية الصباح والمساء وورد الرابطة وزيارة المقبرة وصيام الاثنين والخميس، وكتيبة الشهر حيث الأجواء الروحية.

ولعلمك أنني أعتز بالحاج مكي بنكيران الشيخ الصوفي الثري الذي علمني قراءة نافع “ورش وقالون” على مدار سنتين وكان لا يرفع رأسه والقرآن يتلى بل كنت أراقب تقاطيع وجهه وهو يتأثر بما يسمع من القرآن رحمة الله عليه، وشيخ صوفي آخر تأثرت به وأترحم عليه وهو الشيخ نوح سلمان الذي كان يدرسنا الفقه في دار القرآن في مسجد عمر في الزرقاء كما كنا نحرص على خطبه التي حفظت منها “عباد الله: اتقوا الله فقد كفى ما كان”، هذان نموذجان وعندي آخرون مثل الشيخ الصوفي أكرم النواس الذي كان يدرسنا التفسير، ولدي يا مهندس جمال سند صوفي عملي وإن لم انتمِ لطريقة ولم أدَعِ الولاية ولم ألبس لفة ولم احمل سبحة .

هذه النوعية على الرأس والعين، لكن ويجب أن توافقني تجاه السلبيين وانت أشرت الى ذلك يوم ذكرت دخول الشوائب على التصوف، ويا ليتها شوائب خفيفة لكنها من العيار الثقيل!! كنا في مسجد حيث كان هناك احتفال بالمولد النبوي فوقف أحد أقطاب التصوف في الأردن وقال: “رأيت الله عيانا” وله ذراع مليئة بالعضلات! فما كان من الشيخ نوح رحمه الله إلا أن قاطعه وقال له: “إتق الله” وأسكت ذلك الشخص وهو أي ذلك الشخص قال يوما: “نمت على سريري فارتفع السرير وانشق سقف الغرفة وصعدت إلى السماء السابعة” ! فقلتُ له ويلك: “لقد صعد محمد صلى الله عليه وسلم راكبا بينما انت تصعد ممددا على سرير “!، ولن أسرد لك قصص هؤلاء الدجالين الذين شوهوا الاسلام بادعاء الولاية والكرامة والفتوحات حتى أن أحدهم قال: “تركت الصلاة لأن الله يحبني وقال لي لا أريد أن أتعبك فأنت حبيبي”!، ويقسم واحد على أنه “يضع الطعام عند قبر ولي ويعود بعد ساعة ليجد الطعام مأكولا من قبل الولي الميت”!، أي عقول هذه، وأي دجل هذا، وأي غسيل للدماغ يقع لهؤلاء السذج أو الزعران الذين يتكسبون من وراء الدعاوى الباطلة؟، عزيزي لست ضد تصوف الزهد والرضا بالقليل ومخافة الله وضبط اللسان والبعد عن اللغو والحرام لكنني لا أقبل أن يتاجر الأفاقون بديني ولن أسكت تجاههم،
اين هؤلاء من عمر المختار عبدالقادر الجزائري وعز الدين القسام؟، زهد لا يبتعد عن مقاومة المستعمر وليس جماعة التصوف الذي خذلوا عمر المختار واصطفوا مع الطليان المستعمرين .

على ذكر الصليبيين والمغول والفاطميين فلم يقف المتصوفة ضدهم، بل وقف المجاهد صلاح الدين ووقف المجاهد ابن تيمية والمظفر قطز والظاهر بيبرس والعز بن عبدالسلام وكل هؤلاء ليسوا صوفية.

أما علاقة التصوف المنحرف بالتشيع فهي علاقة ثابتة ولا جدال فيها، وقد أكد لي هذا شخصية مرموقة في بلدنا، ولعلمك أن الحلقة النقاشية التي تمت لم يكن موضوعها التصوف بل ايران ومحاولتها التسلل إلى الأردن كما فعلت في سوريا والعراق ولبنان واليمن، فكان لا بد من التحذير والتنبيه .

واختم كلامي، بأن نترفع عن اسلوب التضليل الإعلامي الذي مارسته بعض الدول تجاه كل من اختلف معها لنلبسه ثوب العمالة والتكفير واحتكار الحقيقة فهو أسلوب ممجوج ومكشوف ونراه في الإعلام حيث التهكم من المتدينين، وبالأمس شاهدت فلما بعنوان:
“عندما يقع الإنسان في مستنقع افكاره” وقد امتلأ الفلم بالكذب والدجل والسخرية من المتدينين .

أما وزارة الأوقاف وبيانها فلم تكن موضع بحث ولا على البال، والتحذير يجب أن تشكرنا عليه رغم تحفظي على النهج الذي يتم، فالأخ جمال يتحدث عن الإقصاء بينما نحن نعيشه ممارسة من بعض الجهات في الجامعات والمساجد والمنابر والمناسبات فمن هو الذي يمارس الإقصاء؟!.

اترك رد