الزيارة الملكية والتجديد
ترددت كثيرا قبل أن أكتب في موضوع الزيارة الملكية لمحافظة البلقاء، على الرغم من مشاهدتي للقاء أكثر من مرة، حتى أنني أعدت سماع كلمات الحاضرين المرة تلو الأخرى، علني أجد في كلماتهم و مداخلاتهم فكرة جديدة أو عرضا لمشروع أو برنامج يسهم في مسيرة التنمية أو في محاولة إيجاد حلول لثالوث المعضلة التي تعاني منها جميع محافظات الوطن من شماله إلى أقصى جنوبه، مرورا ببوادينا وقرانا الأردنية كافة وهي الفقر والبطالة ومشكلة المياه والأمن الغذائي.
وبصراحة أكثر؛ جاءت معظم كلمات الحاضرين إنشائية منمقة يغلفها السجع والقافية تطرب السمع، ولكنها بالمقابل فقيرة المضمون، عدا عن أن جل الحضور هم ذاتهم في كل مرة، وفي كل لقاء حكومي وفي جميع المناسبات الوطنية، نجدهم هم أنفسهم ذات الوجوه، والتي أظنها مختارة بناء على علاقات شخصية أو معرفة سابقة.
فهل من المقبول ونحن ندخل في المئوية الثانية للدولة الأردنية، أن لا نشاهد في لقاء جلالته مع أبنائه في المحافظات وجوها أردنية شابة، بخلاف ما ينادي به سيد البلاد في جميع الأوراق النقاشية و في كتب التكليف السامي من ضرورة إشراك الشباب في الحياة السياسية ، فأين هو التنفيذ على أرض الواقع، ولماذا لا يتم العمل بمضامين الأوراق النقاشية والرسائل الملكية؟.
فهل بتنا نتغنى بالمشاركات الشبابية في المنابر ولقاءات التلفزة، و ما نراه على أرض الواقع مغاير تماما، فالحضور الشبابي مغيب بشكل شبه كامل، فكيف لبلد يسعى للنهضة والتطور أن لا يعطي شبابه فرصة اللقاء وطرح أفكاره بحضرة سيد البلاد، بدلا من أن نسمع ذات الكلمات المنمقة من ذات الأشخاص.
وباستعراض سريع لمجريات اللقاء لم نشاهد تواجدا للعنصر الشبابي، بل جل من شاهدناهم هم من النواب السابقين والوجوه الأخرى هي ذاتها التي نراها في كافة اللقاءات والمناسبات الوطنية ومن المتقاعدين (مع الاحترام الشديد لدورهم وخبراتهم) ولكن الوطن يحتاج إلى دماء جديدة بأفكار و طروحات حديثة بمعنى آخر حان الوقت لتسليم جيل الشباب دفة القيادة.
فملك البلاد كان دوما هو الداعم الأول للشباب و المؤمن بدورهم في دفع عجلة التنمية السياسية والاقتصادية من خلال تبني أفكارهم الريادية وبرامجهم التي تتواءم مع الحداثة والتطور التكنولوجي ومواكبة التطور الحاصل في الذكاء الاصطناعي.
حتى أنه في الرسالة الملكية الأخيرة التي وجهها ملك البلاد لمدير الأمن العام قد جاء فيها التوجيه واضحا من ضرورة التأكيد على تكريس معايير الشفافية و الكفاءة واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم باعتبارهم شريكا أساسيا في منظومة الأمن الوطني، فهل تمت مراعاة معايير الشفافية والكفاءة في اختيار الحاضرين المشاركين في اللقاء، بصراحة مطلقة لا أعتقد ذلك.
ربما أصبحنا اليوم أحوج ما نكون إلى إحداث تغيير وتجديد في سياسة و آلية الإعداد والتحضير لمثل تلك اللقاءات و الزيارات، على غرار التحديث السياسي و الاقتصادي لكي يتواءم مع التغيرات التي ستطال كافة القطاعات في الدولة الأردنية.