عصر النهضة السعودي .. قادم لا محالة
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية ، بذلت المملكة العربية السعودية الكثير من الجهود، لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط. وفي ظل رؤية التحديث الاقتصادي والاجتماعي، فان المملكة العربية السعودية ومنذ ان تسلم محمد بن سلمان ولاية العهد ، بدأت فيها الاستثمارات الضخمة ، في مشاريع عملاقة في مجال السياحة والرياضة والبنية التحتية والاسكان .
المملكة العربية السعودية تخطط لتصبح اكبر قوة ووجهة سياحية في المنطقة حسب رؤية 2030، حيث تشير التقارير انها تسير في اتجاه استقطاب 100 مليون سائح بحلول عام 2030 ، والمؤشرات الاولية لمنظمة السياحة العالمية ، تشير الى ان العدد المتوقع من السواح الذين سيزورون السعودية في عام 2025، سيصل الى 22 مليون اي اكثر من دبي ، وهذا يعود الى الاستثمارات الضخمة التي وصلت الى 810 مليار ، دولار تستثمر حاليا في مشاريع الترفيه والسياحة والبنية التحتية والاسكان وغيرها ، ويوجد خطط لدى السعودية باستضافة كأس العالم عام 2030 ، وقد خصصت ميزانية تقدر بحوالي 40 مليار دولار لاقامة الملاعب الاولمبية ، لتتمكن من استضافة هكذا حدث عالمي . فلما لا ؟
قاوم محمد بن سلمان التشدد الديني الذي وصفته بعض الاوساط بالطالباني، وبانه دخيل على المجتمع السعودي ، فتم تقليص صلاحيات هيئة المعروف والنهي عن المنكر، والتي اصبحت شبه متوقفة عن العمل ، التي كان من صميم عملها ، التشدد في فرض اغلاق المحال التجارية وقت الصلاة ،والتسلط على المواطنين والمقيمين ، وضربهم لاجبارهم للذهاب الى دور العبادة للصلاة ، وكان من واجباتهم ملاحقة النساء والفتيات للتأكد من ارتدائهم الحجاب ، ومنع سماع الموسيقى في الفنادق او المطاعم والمقاهي، وعدم الاختلاط ، وغيرها الكثير من مظاهر التشدد.
في فنرة الثمانينات ، كانت الصحوة الاسلامية بقيادة الشيخ يوسف القرضاوي وجماعة الاخوان في مصر وتركيا وتونس ، هي المحرك الرئيس لتلك الصحوة ، والتي كان نتائجها وخيمة على عالمنا العربي ، خصوصا على النساء حيث قمعت في مختلف اقطار العالم العربي ، ودمر الاقتصاد الذي ارتهن الى نظريات الاخوان ، وتراجعت معدلات النمو ، وازداد عدد السكان بشكل منقطع النظير في بعض الدول، مما ادى الى تاّكل مردود النمو .ففي مصر مثلا، كان عدد سكانها لا يتجاوز 45 مليون عام 1980 ، وكانت الدولة المصرية تعكف على تحديد النسل، حتى ينعكس مردود التنمية على حياة المواطن، ولكن قادة الصحوة، اعتبروا ذلك مؤامرة غربية ، وحثوا الناس على التكاثر نكاية في الحكومة ، حتى وصل عدد سكان مصر الى 110 مليون نسمة حاليا ، وبالتالي ازداد الفقر بشدة ،وارتفعت اعداد العاطلين عن العمل ، وازدادت المديونية العامة للدولة ، وذهبت خطط التنمية ادراج الرياح .
وفي بعض الدول مثل الجزائر ، والسودان وغيرها كانت افكار الصحوة ، وقود تلك الحروب التي اكلت الاخضر واليابس ،وكانت الزيارات المتكررة للشيخ يوسف القرضاوي لتلك الدول ، لها اكبر الاثر في تأجيج الصراعات الداخلية والحروب الاهلية . واتذكر انني كنت محظوظا ان التقيت عباس مدني صدفة في احدى الدول ، وخضت معه نقاشا وديا ، ورجوته اعلان وقف الحرب والنزيف في الجزائر ، وبعد ايام ظهر على شاشة التلفاز، وطالب جماعته بوقف الحرب في الجزائر ، فشعرت في لحظتها بالسعادة ، واعتبرت انني قد ساهمت بحقن الدماء الانسانية، ووقف الحرب العبثية .
بالنسبة للسعودية ، اراد الاخوان تحويل السعودية الى دولة طالبانية بكل ما في الكلمة من معنى ، ولكن محمد بن سلمان اراد غير ذلك لشعبه ولبى النداء ، فاراد الرخاء والتنمية والتطور الحضاري لمواكبة العصر ، فرفع القمع عن النساء المضطهدات ،وسمح لهن بقيادة السيارات ، وممارسة النشاطات الرياضية ، واصبح هناك الكثير من الفرق النسوية الرياضية السعودية، وارسلت الفتيات في بعثات دراسية الى مختلف انحاء العالم . وتفوقت المرأة السعودية، واصبح لها كيان يشار اليه بالبنان ، وتمكنت المرأة السعودية من الدخول الى سوق العمل و الحصول على جواز السفر بدون موافقة ولي الامر ، والسفر بدون المحرم مثل ينات جنسها في العالم اجمع، وطالب مؤخرا مجلس الشورى السعودي في حدث غير مسبوق ، بتكافىء الفرص بين الرجال والنساء في سوق العمل.
الانفتاح على العالم وحضارة العصر الذي يقوده محمد بن سلمان امير عصر النهضة السعودي، هو تلبية لرغبات شعبه وخصوصا الشباب الذين يشكلون ما نسبته 50% من مجموع عدد السكان ، فكما يقول الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
لايوجد ادنى شك، بان الشعب السعودي اراد الحياة ومواكبة العصر ، والقدر استجاب لاهلنا في السعودية ، وارسل لهم محمد بن سلمان ليقود عصر النهضة السعودي الحالي ،فالشعب السعودي شعب طيب وودود ، ذو معدن عربي اصيل، يكرم الضيف ، ويستحق ان يعيش حياة طبيعية مثله مثل اي شعب في العالم ، ويحق له ايضا ان يستمتع بعوائد النفط ، التي يجب ان تعود على بلدهم بالخير والنماء ، وهم بالمناسبة يكنون للشعب الاردني كل المحبة والتقدير .
فرص العمل في السعودية في غضون العشر سنوات القادمة وما بعدها، تعد بمئات الالاف ، وفي مختلف المجالات ، وعلى المسؤولين الاردنيين ، التحرك والسعي لمساعدة الشباب الاردني في ايجاد فرص العمل في السعودية . واما بالنسبة للجامعات والمعاهد الفنية ، فان المملكة العربية السعودية ستحتاج الى عشرات الالاف من الفنيين، في مهن صيانة المنشاءات والمرافق السياحية والترفيهية ، ولذلك يجب ان يكون هناك تطوير في المناهج الحالية، لتواكب متطلبات سوق العمل ، ليس في الاردن فقط ، بل في المنطقة الشرق اوسطية كاملة ، لان فرص العمل ستكون متوفرة وبوفرة .