د. عماد الشبلي يكتب: الدوران الوظيفي وآثاره على المؤسسة والفرد
كتب د. عماد حمود الشبلي
تتجه العديد من المنشآت اليوم الى الاستثمار في المورد البشري للاستفاده من ادائه العالي من خلال اثرائه بأعتباره الوحيد القادر على خلق القيمة لها و لا يمكن انكار اهميته في السياق التنظيمي ، اذ يعتمد نجاح او فشل اي مؤسسة الى حد كبير بقدرتها على الاحتفاظ بموظفيها ، الا ان ارتفاع حالات الدوران الوظيفي يضع المنشآت تحت عدة تساؤلات حول نضوج المنشأة المهني و قدرتها على خلق البيئة التي تساعد الموظفين على الاستقرار .
تبدأ المؤسسات بالعادة بعدد محدود من الموظفين ثم يبدأ هذا العدد بالازدياد حسب الحاجة، وبين خروج و دخول الموظفين تتولد حركة تسمى بالدوران الوظيفي فما هو اثر هده العملية على الموظف و المنظمة كذلك ؟
هناك عدة قياسات في ادارة الموارد البشرية في اي مؤسسة تحدد نضوج المؤسسة المهني من ناحية تعاملها مع الموظفين و موقعها التنافسي في البيئة التي تتواجد بها مثل معدل الرضا الوظيفي ومعدل دوران المواهب و اهمها معدل الدوران الوظيفي القصري او الاختياري الذي يشمل بمعناه عدد الافراد الذين يتركون المؤسسة بمحض ارادتهم و تعيين اخرين خلال فترة زمنية معينة و مدة بقاء الموظف من لحظة دخوله للمؤسسة حتى خروجه، و التي ينظر لها بعين الاعتبار في مؤشرات الجودة و نضوج المؤسسة لان ارتفاع مؤشر الدوران الوظيفي في المنشأة اشارة سيئة للمؤسسة لانه يعني عدم استقرار وظيفي ولان سرعة الدوران الوظيفي تمنع التراكم المعرفي و ايضا غياب المناولة الوظيفية بين القيادات يربك النمو في ذات الشأن و من نتائجه ضعف الثقافة المهنية و هشاشتها و بطء نمو الخبرات .
وتكمن اهم اسباب الدوران الوظيفي في ضعف احترام المدير للموظف و التعجل في الاختيار والتعيين وتجاهل تهيئة الموظف الجديد اضافة لقبول استقالة الموظف مباشرة دون معرفة السبب ، و تنمر و ترهل وظيفي و سوء اختيار الموظفين من الاساس اي التعيين لا يتم بطريقة احترافية ، و عدم العدل و الشفافية في تقييم الموظفين و قلة الاجور و الحوافز و اخيرا و الاهم عدم وجود تدريب و غياب الوصف الوظيفي .
ان المسؤولية الكبيرة في هذه العملية تقع على عاتق ادارات الموارد البشرية اولا ثم ادارة الاقسام ثم الادرات العليا التي يجب ان يكون لها دور بالوقوف على تحليل مخاطر ارتفاع نسب الدوران الوظيفي لما لها من مخاطر كبيرة على المؤسسة بأنها تفقد كفاءات برأس المال البشري الذين تم تدريبهم على انظمة المؤسسة بالمقابل تعيين موظفين ليسو بنفس الكفاءة بالتالي خسارة مادية و احترافية للمؤسسة ، و من جهة هناك مخاطر على الفرد بأن يترك العمل قبل ايجاد البديل ما يسبب بطالة بالتالي مشاكل اجتماعية و مادية للافراد.
لابد هنا من خلق بيئة عمل مناسبة للموظفين و تحقيق العدالة الوظيفية و تفعيل برامج التدريب و التطوير الداخلي و منح الموظفين الصلاحية الضرورية لاداء العمل بكفاءة ، و التعامل الايجابي لادارة الشركة مع الموظفين و منحهم حقوقهم و مساعدتهم في المحن و الظروف الصعبة ، و تطوير سياسات و اجراءات التوظيف .
واخيرا تدعيم رؤية المؤسسة الواضحة والداعمة لبقاء المواهب في المنظمات ، فبدونها مهما استقطبت المؤسسة من المواهب لن يكون بمقدورها ايقاف تسرب تلك المواهب.