ماهرون في تربية الطير الشيطاني
كتب محمد العجلوني…
كان الكاتب المصري الساخر، محمود السعدني، لا يفتأ أن يقول: ” جرس الإنذار عندي مع كُتّاب الأعمدة الصحفية يدقّ عندما يبدأ أحدهم – ممن نعرف – بامتهان التحرش في الحكومة، بمناسبةٍ أو بدونها، ولا يجد من ينصحه بأن مهارته مخرومة من الناحيتين فهو يحمل سيف النزاهة بيد معطوبة، ويرتدي قميص الحكمة مشقوقا من الخلف.
كان السعدني رحمه الله يقسو بشدة مضاعفة على الصحفيين والاعلاميين الذين يُعرف جيدا أين كانوا يغنّون بالأمس، ولمن يريد الماهرُ منهم توصيل تقاسيمه واستشاراته الآن.
أستذكرُ هذه الحكمة المجرّبة في التنبيش بجيوب بعض كُتّاب الأعمدة، وأنا أتابع دأب بعضهم مثلاً، على التحرش في الحكومة حتى وإن كان المنطق السياسي والاجتماعي قد فارقه منذ أن التحق بالخدمة الاستشارية الخارجية.
انتقاد الحكومة ورئيسها مسألة متاحة دستورياً، مطلوبة في صُلب وظيفة الإعلام كسلطة رقابة، لكنها مشروطة قطعاً بأخلاقيات المهنة، ومحروسة بالوعي وبحق مساءلة كشّاشي الطير عندما تزدوج المهنة لديهم، فتصبح مهارة الواحد منهم وظيفة مُجرّمة ببديهيات المنطق ومسؤوليات المواطنة.
جيّد أن تنتقد الحكومة عن تقصير ما في مواجهة وباء الكورونا، أو في التحوط لتداعيات حرب أوكرانيا على الأسعار والتموين والطاقة. لكن الانتقاد يصبح مُراجدة وتجديفاً عندما تكتب عن أي موضوع وكأنّ الأردن حالة فريدة أو أنه يعيش في معزل عما يجري من أحداث حولنا في العالم. أوعندما ينسى الكاتب ما فعلته الحكومة عندما حمت الدينار ومنعت الأمور من أن تكون أسوأ.
رحم الله الكاتب الساخر محمود السعدني، كان يشبّه كاتب العمود الصحفي الذي يسئ استخدام مهنة الإعلام ب”مربّي الطير”، حشره السعدني مع الذين لُعنوا في الحديث المأثور فأصبحت شهادتهم تندرج في باب مهارات الشيطنة.