فيصل تايه يكتب: المجالس البرلمانية الطلابية .. والنهج الديمقراطي المنشود
كتب فيصل تايه
تنطلق صباح اليوم الخميس انتخابات المجالس البرلمانية الطلابية في جميع مدارس المملكة ، والتي يشارك بها جميع طلبة المدارس من الصف الخامس الأساسي وحتى الثاني عشر ، حيث يمارس الطلبة العملية الانتخابية ليختاروا ممثليهم “نوابهم” ، اضافة الى اختيار رئيس البرلمان الطلابي على مستوى كل مدرسة ، وبالنتيجة إفراز برلمان طلابي يمثلهم ، برلمان طلابي قادر على طرح أفكارهم بقوة أمام “حكومتهم” الممثلة بإدارة المدرسة ، ومن المعروف أن ذلك يتم وفق إجراءات منظمة مستند إلى تعليمات المجالس البرلمانية في المدارس الحكومية والخاصة رقم “٨” لسنة ٢٠١٠ ، حيث كانت قد دخلت تفاصيل المشهد الانتخابي إلى أروقة المدارس ، منذ العام الدراسي (٢٠١٠ / ٢٠١١) واستمرت بذات النهج الى عامنا هذا وعلى التوالي ، فكانت تجربة ناجحة بالنسبة للطلبة على مستوى المدارس والمديريات وعلى مستوى الوطن ، ولاقت اهتماما من كافة الجهات وخاصة على المستوى المجتمعي ، ذلك أن “المدرسة” واحدة من أهم المؤسسات التي تسهم بدرجة مهمة في توفر البيئة المناسبة للوعي ، بل تكاد تكون الحاضنة الأكبر لمفاهيم التفاعل والصقل ، لدى الأجيال .
ما يسعدنا هو فرحة الطلبة الغامرة بهذا اليوم المدرسي الديمقراطي ، حيث تشهد مدارسنا حِراكاً دعائياً للطلبة المرشحين ، وتفاعلاً ايجابياً حراً للطلبة الناخبين ، وباشراف لجان الاقتراع والفرز المشكلة من المعلمين ، حيث أن هذا الانجاز الديمقراطي يسجل لوزارة التربية والتعليم ، في خطوات جادة تسعى الوزارة من خلالها الى التعبير عن سياسة تربوية ديمقراطية ترقى إلى إعداد جيل قيادي قادر على تحمل المسؤولية ، ليمتلك القدرة على الاتصال الفعال والتخطيط ، وإدارة المواقف المختلفة ، إضافة لتعزيز روح الانتماء للوطن ، وتنمية الممارسات الديمقراطية وروح الحوار البناء ، وتعزيز الثقافة السياسية ، وقيم التسامح والتعايش ، في سياق عملية نقية هدفها تعزيز دور الطلبة وتعويدهم على التشارك في الحياة .
لقد عمدت وزارة التربية والتعليم أن تعول على هذه المجالس للمساهمة بالارتقاء بالعملية التربوية ، من خلال المشاركة في إعداد الخطط التطويرية للمدرسة ، ومراجعتها ومناقشتها ، والوقوف على اقتراحات وحاجات الطلبة ، وتحسين آليات التواصل والاتصال معهم ، اضافة إلى إمكانية المشاركة في وضع اللوائح التنظيمية المدرسية ، والمساهمة في عملية الضبط الذاتي والمساعدة في معالجة السلوكيات غير المرغوب فيها ، كما ويمكن للمجلس المنتخب أن يتولى إجراء أبحاث ودراسات وإعداد تقارير طلابية حول قضايا عامة تهم المدرسة والمجتمع المحلي ، وتحديد المشكلات وطرح حلول لها بالتعاون مع المرشد التربوي والمؤسسات الرسمية ، إلى جانب المساهمة في إقامة الاحتفالات الوطنية والمسابقات الرياضية والأنشطة الاجتماعية والمهرجانات المختلفة ، وكذلك إشراك أولياء الأمور وأبناء المجتمع المحلي من اجل توثيق أواصر الألفة بين المدرسة والمجتمع .
اننا ونحن نتابع هذا اليوم أجواء المشاركات الديمقراطية لطلبتنا الأعزاء ، نجد أن ذلك ما هو الا نموذج مصغر شبيه بنظام انتخابات مجلس النواب الأردني ، حيث اجتهدت إدارات المدارس تطبيق قواعد وأسس العملية الانتخابية الطلابية دون الخروج عن الإطار العام لأهداف التربية ، فقد عمدت بعض المدارس إلى تقسيم الصفوف كدوائر انتخابية وحسب مراحلهم الدراسية ليمارس الطالب حقه الطبيعي ، لتقترع كل مرحلة ضمن عدد من اللجان المحددة لها بحسب تعداد الطلاب في المدرسة وحسب صفوفهم ، كما وتشجع إدارات المدارس الترشح بنظام القوائم الطلابية حرصا منها على أهمية العمل الجماعي بينما لن تمنع استقلاليته ، كذلك العمل على تجهيز أماكن وأوراقا مرقمة ومختومة للاقتراع وتخصيص خلوات ليتم الاقتراع بشكل سري .
هذا اليوم ، ونحن نرصد تفاصيل المشهد الانتخابي وقد دخل إلى أروقة المدارس ، ما يساعد الى حد كبير في زيادة وعي الطالب داخل محيط بيئته المدرسية التي تتمثل في تأكيد حقوق الطلاب داخل المدرسة في إطار الإجراءات التربوية، وتوسيع مدارك دائرة التعارف والخبرات بين أعضاء البرلمان المدرسي، وخلق مساحة من الإبداع والابتكار في توجهاتهم السياسية.
بقي ان أقول ان وزارة التربية والتعليم حريصة كل عام على باجراء هذه الانتخابات في مثل الوقت من السنة تأكيداً منها على مواصلة النهج الديمقراطي ، بهدف تنمية مهارات الطلبة السياسية ، ذلك ان توعية الطالب وتنمية ثقافته السياسية أصبحت ضرورة ملحة في دولة ديمقراطية كالأردن تؤمن بالقيم الديمقراطية ، حيث هذه الانتخابات تجري في اطار من الشفافية والنزاهة والحرص المشترك من الطلبة والمعلمين ، لتجذير هذه الثقافة في مدارسنا وتعزيز العلاقة الايجابية ما بين الطلبة والمدرسة والمجتمع المحلي المحيط بها.