المبيضين يكتب: الوحدات والفيصلي وتدخل الفايز

60
كتب د.مهند مبيضين
في المواجهة الكروية بين الوحدات الذي تأسس عام 1956 والفيصلي الذي وقّع تاريخ تأسيسه 1932، الكثير من المحطات المشرقة، والكثير من المنافسة، والكثير من الهواجس، لكن أي من الفريقين لم يكن يحمل تمييزاً لهوية محددة عند التأسيس، كان هناك احساس بأهمية الرياضة فقط، لم يعلن أي من الفريقين عن تأسيسه تمثيله لفئة ما أو مجموعة، وهنا نتحدث عن اشكالية الهوية التي ينظر بها البعض لما يمثلة النادي، الذي يلعب به اليوم لاعبون من مختلف المدن والأصول والمناطق، وبوضوح ليس الوحدات ممثلا لفلسطين والفلسطينين في الأردن، وليس الفيصلي ممثلا محتكرا للهوية الأردنية إلا عند بعض جمهور الناديين وهم فئة قليلة.

ليس المهم هنا الحديث عن أزمة عابرة نتيجة لقرار انسحاب او عودة، وانتهى بمباراة جميلة في اربد، وهي أزمة لها جذورها وارتبطاها بتحولات الهوية الأردنية، ولها انعكاساتها، ويجب ان يراعى فيها النظر دوما للتاريخ والعواطف والتمثيل الذي يمثلة أي نادي لانصارة سواء كان الوحدات او الرمثا او الحسين اربد او معان او الفيصلي.

لكن المهم في مسار اعلان الانسحاب ثم العودة، هو المواقف التي رافقت مقدمات مباراة الوحدات والفيصلي، وحجم التدخلات السياسية من المستويات العليا والتي ذكرها رئيس النادي، على رأسها تدخل سمو الأمير علي بن الحسين، وتدخلات أخرى على رأسها تدخل فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان، الذي له ولوالده تاريخ خاص مع النادي حين تغير اسم نادي الوحدت لاسم الضفتين (1986- 1988) وكان عاكف الفايز رئيسا له .

تدخل الفايز كان من خارج الحوطة كما يقال، هو مدفوع بكل أشكال الغيرة، وهو تدخل محمود لانه لا يمكن ترك قرار بمثل حجم قرار الانسحاب لجمهور الوحدات وحده كي يقنع ندايه بالعودة، فقد اثبت الفايز ان النادي ليس متروكا لنخبة او طبقة سياسة محسوبة على هوية النادي وحسب، بل تحرك بداوفعه كزعيم عشائري أردني له حساباته وله مخاوفة على النسيج الوطني وله حشمته وتأثيره وأثره.

فيصل الفايز في كل لقاءات وازماته البلد والتشنجات التي تحدث رجل سميدع (أي الكريم السيد وقيل الشجاع الموطأ الأكناف وهو السخي) وهو رجل حوار وصدر واسع، وداعية للتوافق ونبذ الخلافات والتوحد في سبيل حماية أمن الوطن واستقراره، لا مقولات سياسية مخفية ولا رهانات عنده، ولعلّ هذا الوضوح والانسجام في طروحاته في المسألة الوطنية ما يجعل تدخلاته وشفاعاته مقبولة، هنا نتحدث عن الجاه والزعامة والوطنية وعن القبول المجتمعي، والأهم المبادرة للتدخل حين يرى رجل الدولة والسياسة أن الأمور قد تنحرف او يعبث بها العابثون ويخرجونها عن سياقها.

في النهاية جرت المبارة، وسيفوز بالدوري من يستحقه، ولكن المهم ان المجتمع الأردني مجتمع محافظ حدث فيه الكثير من التغييرات واستقبل الكثير من الأزمات وخرج منها دوما أكثر قوة ومنعة، ولا يمكن لمسألة الرياضة ان تجعله يخرج عن مساراته النبيلة في الاخوة والتوحد مع القضية الفلسطينية، أو في مسّ قيمه أو أن تبدد استقراره، فرأس مالنا الوطني الاستقرار المجتمعي والأمن.

اترك رد