حدادين يكتب : الجانب القانوني للذكاء الاصطناعي
في الآونة الأخيرة، حظي الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع النطاق على الصعيد الدولي بسبب أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عملية أنشطة ريادة الأعمال بشكل مباشر بُغية في تحسين أداء المشاريع الريادية والنمو الاقتصادي. أما على الصعيد الأردني، فقد وافق مؤخراً مجلس الوزراء الأردني على الاستراتيجيّة الأردنيّة للذكاء الاصطناعي للأعوام (2023 – 2027) وذلك تنفيذاً لمتطلّبات السياسة الأردنيّة للذكاء الاصطناعي 2020، والمتضمنة تطوير إطار استراتيجي عام لتفعيل الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات ذات الأولويّة في المملكة.
سنحاول في هذه المقالة إلى استقراء التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على المنظومة القانونية.
مع تقدّم الاهتمام في اللجوء الى استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في القطاع القانوني، يجب الاهتمام بالمسائل القانونية المتعلقة بتبعات استخدامه. بشكل عام، ان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفيد مهنة القانون، لكن يجب الحذر من كيفية تنفيذه. لا بد أن يكون للتكنولوجيا الحديثة تأثيراً ايجابياً على القطاع القانوني حيث أنها ستوفر المعلومات بشكل سريع وفعال ولكن برأيي أنها لن تكون بديلاً كاملاً عن القُضاة والمحاميين حيث أن بعض القرارات الحساسة والهامة لا يمكن إلا للبشر اتخاذها. لا أرى أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الحاجة إلى التفكير البشري ولكن من الضروري جداً وضع خارطة طريق وجدول زمني لتطوير التشريعات الناظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي وليس فقط التشريع بالسماح باستخدامه.
سوف تخلق التقنيات الحديثة في مجال الصناعة والتجارة وفي معظم القطاعات ومن أهما قطاع النقل والقطاع الطبي مجموعة من القضايا القانونية غير المعتاد عليها وغير المتعارف عليها في ضل غياب النصوص القانونية التي تنظم استخدام تلك التكنولوجيات، ومن أهمها موضوع تأسيس المسؤولية القانونية عن أضرار الذكاء الاصطناعي وصعوبة تحديد الأساس القانوني الملائم. ومثال على ذلك، امارة دبي في صدد انهاء تنفيذ مشروع السيارات ذاتية القيادة، وعند البدء بالعمل بتلك السيارات وحين وقوع حوادث سيكون السؤال الأول من الذي يُعتبر مسؤولاً عن ذلك الحادث؟ هل هو الجهة المالكة لتلك السيارات أو الجهة المصنّعة للسيارة أو الشركة المبرمجة لتلك السيارات؟ ومثال آخر هو في المجال الطبي، والسؤال المتعلق بالمسؤولية يقع ضمن ماذا عن الطبيب الذي لم يمتثل في تشخيصه لحالة مرضية معينة لما ورد في تشخيص الذكاء الاصطناعي الذي تبين لاحقاً أنه ضار بالمريض؟ هل الطبيب هو المسؤول أم الشخص الذي قام ببرمجة الجهاز؟
هذه قضايا معقدّة جداً ستتفاقم قريباً بسبب الذكاء الاصطناعي. هذا يعطى للمشرعين انذاراً بضرورة تهيئة بنية تحتية تشريعية مفصّلة ويوحى بالحاجة إلى تهيئة خبراء قانونيين في هذا المجال حيث أننا بحاجة إلى أشخاص قادرين على فهم مجتمع سريع التطور. ختاماً نرى ضرورة دراسة اصدار قانون ينظم الذكاء الاصطناعي في الأردن ويختص ببيان أحكام المسؤولية القانونية الناشئة عن ممارسة الأعمال (بكافة أنواعها) بوسائل الذكاء الاصطناعي.