سياسة التدوير الوظيفي وضروراتها الحتمية

152

كتب فيصل تايه

تصدر مؤسسات الدولة المختلفة تعاميم دورية تطلب من المسؤولين فيها العمل على تدوير رؤساء الأقسام وفقاً “لبطاقة الوصف الوظيفي” ، مع الالتزام المستمر بمضامين تلك التعاميم ، وفي ذلك دعوني أقول : هل يلزمها “فعلاً” التبديل والتغيير في بعض المواقع الوظيفية كسياسة ادارية أم ما يلزمنا “بالفعل” المتابعة والرقابه والتدريب ؟ أم كلاهما معا ؟

وفق ذلك ، ومع متابعة تقارير متابعة الاداء المؤسسي لمؤسساتنا الحكومية يتبين ان بعض من المواقع الوظيفة الادارية تعاني من الجمود الوظيفي في بنيتها الهيكله ، لذلك فأن “صاحب القرار” يعي أن التدوير الوظيفي ضمن الفهم الأدائي أحد أهم الاستراتيجيات لتطوير الأداء ، لأنه يعتبر من الطرق الفعالة لتطوير أداء العاملين ، من مديرين ورؤساء أقسام وموظفين ، ذلك أن التدوير الوظيفي يتيح للموظف ممارسة عمله بطريقة جديدة ، تخرج عن الروتين المتبع منذ فترة وجوده في موقعة الوظيفي ، وكذلك يتيح له اكتساب خبرات جديدة مع زملاء جدد ، بالإضافة إلى خبراته السابقة ، ناهيك عن إمكانية ضخ دماء جديدة لتولي مهام أدارية جديدة .

إن إتباع سياسة التدوير في المواقع الإدارية هي حاله صحية في نظام وظيفي متعطش لتدوير الخبرات ، والتي تسمح بتراكم التجربة ، ومراجعة تقييميه لها ، واستخراج العبر ، للأبتعاد عن ضعف التسلسل الوظيفي والتخبط في قنوات الاتصال الرأسية والأفقية ، هذا يوحي بأن التغير إستراتيجية مهمة وواضحة لا بد من انتهاجها بين الفينة والأخرى ، أما التغير الذي أقصده هنا أو بمعنى آخر التبديل في المواقع بحد ذاته “لمن يخاف التغيير” فكما هو معرف في علم الاجتماع والنفس هو راحة ويجلب السعادة ، كذلك فانه يهدف إلى تدريب الأفراد على المواقع التي يمكن فيها اتخاذ الإجراءات المختلفة بعيدا عن المحسوبية ، إضافة إلى تقليص احتمالات الملل والضجر نتيجة الروتين والرتابة، وزيادة إمكانات التحفيز والأداء ، وذلك من خلال تنوع التي يقوم بها الفرد مع كادر مختلف في جو وظيفي جديد.

يجب بالاعتبار ان يأخذ التدوير وقته الكافي ، كما وينبغي أن يكشف عن (الشيخوخة الهرمة) لبعض من المواقع والأقسام ، فالكثير منها – مع احترامي لغالبيتها – شكل شخوصها كيانات دائمة وتنظر لمن حولها ممن لديهم القدرة والكفاءة على تولى مهامها نظرة الغازي أو الطامع بكنز سليمان ، وعندما نضخ دماء خبيرة جديدة قادرة على تولي مهامها بشجاعة في تلك الأقسام ، وما سياسة التدوير الا سياسة الهدف منها اختراق التقوقعات السائدة ، لذلك نتمنى أن يكون التدوير موضة هذا العام في مؤسساتنا ، ليطبل له من يرغب بطريقته ، متمنين المنفعة لجهازنا الاداري العتيد .

وفي الختام أعتقد أن التدوير الوظيفي وفق معايير واضحة سوف يكون “بإذن الله” في صالح جهازنا الوظيفي ، وبقاء أي مسؤول في منصبه لفترة طويلة لا يساعد على خلق أجهزة إدارية متطورة ذات كفاءات عالية من شأنها المساهمة في رقي ذلك الجهاز الذي يتربع على كرسيه ذلك المسؤول لفترة طويلة ، فسياسة تدوير المناصب تعطي حيوية ومرونة جديدة لأي جهاز إداري تتم فيه بغض النظر عن نجاح ذلك المسؤول أو فشله في القيادة ، فإن كان ناجحا فالمصلحة تقتضي أن ينقل نجاحه لموقع آخر ، بدلا من أن يكون حكرا على موقع معين تميز فيه واستفاد منه ولهذا ، فعليه أن ينقل إمكاناته وقدراته المميزة لموقع آخر حتى تعم الفائدة عدة قطاعات .

ولذلك أعود الي القول : لطالما أن العمل مستمر فان التغيير والتجديد والتدوير يقضي على الخمول والبيروقراطية والمحسوبية ولكننا وان أردنا التغيير المنشود فلا بد من أن نعطي للمسؤول وقته الكافي وفرصته الكاملة للتغيير ، لان اية وزارة او هيئة مسؤولة لن يظهر عليها التغيير بشكل مفاجئ بل تحتاج إلى السير بتواتر باتجاه الإصلاح المرجو وفق خط زمني كاف .
والله ولي التوفيق

اترك رد