التل يكتب: خنجر الانقسام

46

كتب محمد حسن التل…

بعد كل هذا التحشيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وولادة أكثر حكومات إسرائيل تطرفا في تاريخ الصراع، وظهور الوجه الحقيقي للمجتمع الإسرائيلي في معظمه كمجتمع متطرف، ألم يئن الأوان للقيادات في رام الله وغزة أن يعيدوا حساباتهم ويلتقوا في نصف الطريق، حتى يتمكنوا من الوقوف في وجه المد الأسود .

أكبر خنجر مسموم في ظهر الشعب الفلسطيني الآن هذا الانقسام المقيت بين رام الله وغزة، الذي لا زالت آثاره تتوالى على الشعب الفلسطيني العظيم نكبات فوق نكبته، فهل يعقل هذا الخلاف بين قياداته وفصائله التي بايعها من أجل التحرير؟ .

أكثير على فلسطين أن يتنازل كل طرف للآخر لمصلحة الشعب ويكونوا جميعا في مواجهة حرب التصفية التي يشنها الاحتلال عليهم؟،
الفلسطينيون ومن خلفهم أمتهم، بحاجة إلى عملية تقويم سريعة لطبيعة الصراع، وضرورة التلاقي لأن رفض التلاقي في هذا التوقيت بالذات يمثل خيانة عظمى للشعب الفلسطيني وفلسطين .

الفرق الآن بين الواقع الإسرائيلي والواقع الفلسطيني والعربي يدين الجميع، فليس هناك أي تعادل بين الواقعين، بل الهوة تزداد وتتسع، هناك على الجانب الإسرائيلي الهدف واضح والالتفاف حوله موجود والتحشيد واقع، وهنا يسود الخلاف وتسود الفرقة ويتصدر التناحر، وفلسطين بشعبها تدفع الثمن .

إن أي تأخير في اللقاء الفلسطيني بين رام الله وغزة يدل على عدم الشعور عند الطرفين لخطورة المرحلة التي يمر بها الصراع، وسيصل الأمر بالناس إلى توجيه الاتهام بالتراخي عند الطرفين حتى لا نقول شيئا آخر في المواجهة مع عدو متوحش لا يعرف معنى حوار أو حقوق للآخرين، ولنكن صريحين أكثر حينما نقول إن المنقسمين في فلسطين قدموا أكبر خدمة لعدوهم بانقسامهم للتسهيل عليه في قطع أشواط كثيرة على طريق مشروعه في تصفية القضية في جو عربي جاهز لهذا المشروع، وقد أعطى الانقسام لكثير من العرب حجة في القفز على القضية، وكأني بهم يتمتمون بأنفسهم.. إذا كان أصحاب القضية غير آبهين لواقعها فما بالنا نحن، وهذا يؤشر على خطورة وبشاعة الفكرة التي نزعت إسلامية القضية ثم العربية إلى أن أصبحت قضية بين رام الله وغزة .

الواجب اليوم يحتم على القيادات الفلسطينية بمختلف مواقعها وانتماءاتها السياسية ومشاربها الفكرية أن تعيد حساباتها وتنظم صفوفها لتفرض على العرب واقع فلسطيني جديد يحتم عليهم النهوض بواجبهم، حتى نستطيع مواجهة المارد الإسرائيلي الذي أعلن صراحة أن لا وجود لشيء اسمه حق فلسطيني، ولا قدس عربية إسلامية، ينطلق من فكرة عقائدية لديه يصر على جعلها أمرا واقعا مستفيدا من تخاذلنا وانكفائنا عن فلسطين ثم التفافه حول خرافته.

اترك رد