البطاينة يكتب: الضم الزاحف والهجرة باتجاه الأردن ! الفصل قبل الأخير من صفقة القرن
كتب المهندس سليم البطاينة..
مقولة أعجبتني للأديب الروماني Constantine Virgil 1916-1992 الذي اشتهر برواية The 25 Hour ( الساعة ٢٥ ) أولئك الذين يعيشون على الهوامش ،،، هوامش المجتمع هم فقط المخولون لرؤية الحقائق المرّة.
ففي أحيان كثيرة يدفعك الفضول إلى البحث عن المعلومة و الاستفسار والتساؤل عن بعض المشاهد أو الظواهر التي قد تراها أمام عينك ولا تفهم معناها أو مغزاها ! فالواقع أننا أمام مسرحية حُبكت مشاهدها بكل دقة، لكننا نستطيع الآن وبعد سنوات طويلة من الانتظار والتفاؤل بالسلام أن نقول أننا خُدعنا وخابت كُل آمالنا.
وهنا لا أستبعد أن تفعل اسرائيل أي شيء في أي وقت استجابة لشيطان العقل الصهيوني المُدمر ! فإسرائيل أحلامها كثيرة ولا حدود لها ، ومقومات تفكيرها ترتكز على التوسع ! وهذا ما يُفسر رفضها القاطع لتحديد حدود رسمية لها، فلطالما تهرب المسؤولين الإسرائيليين من الإجابة على سؤال : هل توجد لإسرائيل خريطة رسمية لحدودها الجغرافية ؟
فمشكلة إسرائيل مع العرب أنها تريد سلام من أجل السلام فقط على الأقل منذُ قبولهم بها و استعدادهم للاعتراف بدولتهم ،،، فهي تعمل باستمرار على تطويق الارادة العربية بقبول الوجود الإسرائيلي ، وخلق الظروف لإقامة دولة يهودية نقية.
بعد فوز بنيامين نتنياهو في الأنتخابات الأخيرة مباشرة صرّح أن التهديدات التي تطلق من هنا وهناك لا تهمنا فمشاريعنا كثيرة ،،، وأعقبه تصريح خطير لخبير الجغرافيا الإسرائيلي ( شاؤول أرئيلي ) لصحيفة Makor Rishon الأسبوعية الأسرائيلية والتي يقودها اليمين المحافظ … بأن إسرائيل في طريقها إلى ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها ،،، وان الأردن تمهيداً لذلك أعاد الجنسية الأردنية والأرقام الوطنية لكافة سكان يهودا والسامرة … وجهز العدة لبناء مدينة جديدة ! أما Itamar Ben-Gvir وزير الأمن القومي الإسرائيلي وصف الأردن بأنه خزان بشري لأزمات المنطقة ، وأن العلاقة معه نموذج للعبة غير صفرية ! مما يعني تماثلاً وظيفياً في الادوار، وأنه كيان ضعيف يعيش على المساعدات الخارجية ! والاردن تم إنشاؤها لتقوم بدور وظيفي كجزء من منظومة الأمن الاستراتيجي لإسرائيل ،،، وتستمد شرعيتها من خلال الدور الوظيفي الذي تقوم به ! وهذا الدور كما أشار سينتهي حال ضم إسرائيل الضفة الغربية، وركز إلى أن مواقف العرب في السر ليست كما في العلن وأسرائيل تقدر ذلك، وخصوصاً في تنفيذ بنود صفقة القرن.
وبشرنا أن خلال شهر رمضان القادم والذي سيصادف موعد عيد الفصح اليهودي سيتم ذبح الجدي ( قربان الفصح ) داخل المسجد الأقصى ! وأشار في تصريحاته أن معهد الهيكل أنفق حتى الأن ما يقارب ٣٠ مليون دولار من أجل الإعداد لبناء الهيكل … ( انتهى الاقتباس ).
لكن التصريح المثير للجدل الذي أعطى الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية كان تصريح السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل David M . Friedman قبل سنتين تقريباً لموقع Startfor Geopolitical Intelligence Platform والذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأمريكية ( حول حق إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية ).
من المؤسف أن فلسطين لم تكن يوماً قضية العرب الأولى إلا على الورق !! وبات من المستحسن أن نُعيد التفكير فيما استفادته القضية الفلسطينية من متاجرة البعض بها طيلة عقود مضت ،،، ففلسطين في العلن هي خُطب حماسية وشعارات مغشوشة ! أما في السر فهي مزيج من المؤامرات و الصفقات والتسويات الظالمة ، و الاتفاقيات المشبوهة.
والقدس عملياً تم ضمها بموافقة دولية وعربية وأصبحت القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل ! والدور القادم على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية والمُقسمة لفئات (A ,B , C ) حسب اتفاقية أوسلو الثانية عام ١٩٩٥ ،،، حيث تُمثل المنطقة ( A) 18% من مساحة الضفة ، وتُسيطر عليها سلطة رام الله أمنياً وأدارياً ،،، أما المنطقة ( B) فتُمثل 21% من المساحة ، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية ،،، والمنطقة (C) وهي الأخطر حيث تُمثل (61%) من المساحة المتبقية من الضفة الغربية وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
العرب على باب الخروج من التاريخ وأصبحوا غير قادرين على اختيار حاضرهم ومستقبلهم ! فهم يعيشون اليوم حالة ضياع وإعياء شديد ! وسقوط في حالة مفرغة وهرولة نحو المجهول ! وما يحصل من بالونات إختبار ما هو إلا لقياس ردود الأفعال لدى العرب والمسلمين ! وما تم الاتفاق عليه في صفقة القرن.
غاب الجميع وحضرت إسرائيل في أكثر من عاصمة عربية ، وتم تقزيم القضية الفلسطينية على أنها قضية الفلسطينيين فقط ،،، فمنذُ رئاسة ( بيل كلينتون ) عام ١٩٩٣ توقفت الإدارة الأمريكية عن التصويت لصالح التجديد السنوي لقرار ١٩٤ في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
هذا الوضع لم ينشأ من فراغ وإنما كان نتيجة عوامل كثيرة جداً أهمها تكبيل الدول العربية بمعاهدات واتفاقيات إقليمية ودولية ! والأخطر هو تورط الكثير من الدول العربية في مشاريع خارجية.
كل ما تفعله اسرائيل على الارض حاليًا يذكرني بكلمات للمؤرخ البريطاني Frederick Taylor أنه بعد الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ تم تثبيت الحدود وتهجير الشعوب.
متغيرات متسارعة من حولنا وكأننا نعيش في حالة غيبوبة ؟ ولا أحد مدرك أن الضفة الغربية في خطر.