اشتباكات وأعمال عنف لليلة الثالثة في فرنسا بعد مقتل فتى على يد شرطي
يبدو المشهد في فرنسا مضطربا للغاية مع ورود أنباء أفادت بوقوع اشتباكات في عدة مدن في شتى أرجاء البلاد على خلفية مقتل مراهق يدعى نائل م.، 17 عاما، برصاص شرطي.
واعتذر الشرطي، الذي أطلق النار على نائل صباح الثلاثاء، لأسرة الصبي.
ووجهت السلطات للشرطي تهمة القتل العمد، وهو رهن الاعتقال حاليا.
وقال لوران فرانك لينارد، محامي الشرطي المتهم، إن موكله “منهار”، وإنه “لا يستيقظ في الصباح ليقتل الناس”.
وأضاف: “كانت أولى الكلمات التي قالها للأسرة (آسف) وآخر كلمة قالها (آسف)”.
وقال لينارد إن موكله “صُدم بعنف الفيديو”.
وقال جيرالد دارمانان، وزير الداخلية الفرنسي، إن الشرطة اعتقلت ما يزيد على 100 شخص في جميع أنحاء فرنسا مع استمرار الاضطرابات لليوم الثالث على التوالي.
وأعرب عن دعمه للشرطة قائلا: “رجال الشرطة والدرك ورجال الإطفاء لدينا يقومون بعمل شجاع”.
وفي مدينة تولوز اعتقلت الشرطة نحو 20 شخصا، وفي مرسيليا، اعتقلت نحو 12 شخصا، وفي باريس، ذكرت صحيفة “لوموند” أن الشرطة اعتقلت نحو 40 شخصا.
وأطلق الشرطي النار على الصبي، البالغ من العمر 17 عاما، ويدعى نائل م.، من مسافة قريبة بينما كان يقود سيارته.
وتسبب غضب شعبي كبير بسبب مقتل الصبي في اندلاع أعمال عنف في أنحاء البلاد، كما وقعت اشتباكات ظهر يوم الخميس أثناء مسيرة قادتها والدة نائل.
كما اعتقلت الشرطة خلال اضطرابات اليوم الثالث عددا من المتظاهرين في مدينتي ليل ومرسيليا.
وفي مدينة نانتير، التي شهدت مقتل الصبي، اندلع حريق هائل في الطابق الأرضي من مبنى يقع فيه أحد البنوك.
كما أظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي أكواما من القمامة مشتعلة في عدة أماكن.
وتوقفت خدمات الحافلات والترام في باريس في الساعة 21:00 بالتوقيت المحلي (19:00 بتوقيت غرينتش) تحسبا لوقوع مزيد من العنف، كما أعلنت بعض الضواحي حظر التجول ليلا.
وتعطلت خدمات النقل في مدينتي ليل وتور.
وانتشر نحو 40 ألف شرطي في أنحاء فرنسا في مسعى للسيطرة على الاضطرابات بعد تضرر سيارات ومبان بسبب أعمال شغب شهدتها عدة مدن يومي الثلاثاء والأربعاء.
وقال دارمانان إن 170 فردا من رجال الشرطة أصيبوا في اشتباكات ليلة الأربعاء وحدها، وجرى اعتقال 180 شخصا.
كما أصيب رجال شرطة بعد ظهر الخميس أيضا خلال أعمال عنف في مدينة نانتير أعقبت مسيرة سلمية تدعو إلى العدالة، شارك فيها ما يزيد على ستة آلاف شخص.
وقالت إليزابيث بورن، رئيسة الوزراء الفرنسية، إنها متفهمة حالة التعاطف بعد وفاة الصبي، لكنها أدانت أعمال الشغب.
وقالت: “لا شيء يبرر العنف الذي حدث”.
وأثار مقتل الصبي نقاشا أوسع عن قوة الشرطة والعلاقة بين السلطات وسكان الضواحي الفرنسية، الذين يشعرون بأنهم معزولون عن مراكز المدن المزدهرة في البلاد.
وقال محامي نائل، ياسين بزرو، لبرنامج “نيوز آور” في بي بي سي: “لدينا قانون ونظام قضائي يحمي رجال الشرطة ويخلق ثقافة الإفلات من العقاب في فرنسا”.
بيد أن والدة نائل قالت إنها لم تتهم الشرطة بشكل عام، أو النظام، بقتل ابنها، بل تتهم فقط الشرطي الذي أطلق الرصاصة التي قتلت ابنها.
وقال الشرطي المتهم إنه أطلق النار لأنه شعر أن حياته في خطر، وقال محاميه لهيئة الإذاعة الفرنسية “آر تي إل” إن موكله أطلق النار “في إطار الامتثال التام للقانون”.
ويبدو أن الاشتباكات لم تكن مقصورة فقط داخل حدود فرنسا، بل امتدت الاحتجاجات إلى العاصمة البلجيكية بروكسل.
واعتقلت الشرطة ما يزيد على 15 شخصا في وسط المدينة، بعد أن أشعل متظاهرون حرائق، حسبما أفادت قناة “آر تي بي إف” الفرنسية.
وقال متحدث باسم شرطة بروكسل خلال مؤتمر صحفي إنه جرى توجيه دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي في بلجيكا لتنظيم احتجاجات دعما للمتظاهرين الفرنسيين.
وذكّرت موجة الشغب التي أثارها مقتل نائل الكثيرين في فرنسا بأحداث شهدتها البلاد في عام 2005 عندما تعرّض مراهقان (زياد بينا 17 عاما، وبونا تراوري 15 عاما) للصعق بالكهرباء في أثناء محاولتهما الهرب من الشرطة بعد نهاية مباراة كرة قدم، حيث لجأ المراهقان إلى محطة كهرباء فرعية في ضاحية كليشي سو بوا بباريس.