لم يتصور أحد أن القصيدة التي كتبها الشاعر الروسي، يوسف برودسكي، بعنوان “لا تغادر الغرفة، لا ترتكب خطأ”، ستتحول في يوم ما إلى أسلوب حياة تتبعه فئة كبيرة من الناس.
فقد تشكلت جماعات من الناس في مختلف بلدان العالم، بما فيها اليابان، التي أطلقت عليهم مصطلح هيكايكوموري “Hikikomori” (الانسحاب أو التقوقع) أو ببساطة هيكي-hickey.
حيث تتميز هذه الجماعات بانخفاض نشاطها الاجتماعي إلى الحد الأدنى، بيد أن أفرادها يسجلون أرقاما قياسية في التفاعل على الإنترنت، إذ يعوضون بذلك نشاطهم في الوسط الحقيقي، ويضمن لهم ذلك فرص العمل أحيانا.
وقد يبدو أن الكسل وعدم النضج الدافع لانعزالهم وعدم تكيفهم مع الحياة، ولكن هذا وهم. فتعود هذه الظاهرة إلى أسباب متعددة أهمها: الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة ورهاب الأماكن المكشوفة والتوحد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات العقلية في المجتمعات الحديثة وخاصة في مجتمع محافظ وصارم، كما في اليابان الذي يفرض قيودا اجتماعية مشددة، تدفع الإنسان، بدلا من طلب المساعدة النفسية، إلى عزل نفسه وتحاشي الاتصالات الاجتماعية.
وتلاحظ هذه الظاهرة في اليابان وغيرها من الدول، حيث تعوض مجموعات هيكايكوموري علاقاتها الاجتماعية بالاتصالات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتضم فنانين ورسامين، وهي في توسع مستمر ودائم.