الاردن اليوم – قال رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة إن المجلس أقر منذ انطلاقة أعماله في السابع من تشرين ثاني من العام 2016 ولغاية اليوم الاثنين، (64) قانوناً ومشروع قانون معدل، وقدم (9) اقتراحات بقانون.
حديث الطراونة جاء خلال محاضرة له اليوم الإثنين بعنوان “الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب” في أكاديمية الشرطة الملكية، بحضور المفتش العام في مديرية الأمن العام مندوب مدير الأمن العام العميد محمد الخرابشة وآمر الأكاديمية الدكتور العقيد مخلد الزعبي والقيادات الأمنية في مديرية الأمن ضمن برنامج دورة الإدارة الشرطية العليا.
وأضاف الطراونة أن المجلس عقد ما مجموعه (108) جلسات منذ إنطلاقة أعماله، قُسِمت بواقع (71) جلسة تشريعية، و(30) رقابية، و(7) مشتركة بين الرقابة والتشريع، لافتاً إلى أن أعضاء المجلس وجهوا للحكومة (1272) سؤالاً وردت الإجابة على (1109) منها، كما وجهوا للحكومة (199) مذكرة وردت الإجابة على (102) منها، كما تم توجيه (62) استجواباً.
وأشار إلى أن تلك الأدوات الرقابية كانت تصب في مجملها في محاور إدارية ومالية وضبط النفقات ومكافحة الفساد، معتبراَ أن الحديث عن الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب يبدأ من حيث مكانة السلطة التشريعية في الدستور الأردني الذي أفرد لها فصلاً كاملاً، فهي سلطة أساس في البناء الدستوري، أنيطت بها مكانة عالية في إقرار التشريعات بوصفها الحاضنة التي تُجوّد فيها القوانين ما يعطيها أيضاً أعلى درجات المكنة في صناعة السياسة الوطنية.
وقال إنه بموازاة الدور التشريعي، فإن للمجلس دوراً رقابياً على أعمال السلطة التنفيذية من ناحية أدائها للإختصاصات المخولة لها بحكم الدستور، فرئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس الأمة مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة ويمارس مجلس الأمة اختصاصاته الرقابية من خلال الوسائل الرقابية الخاصة التي حددها الدستور الأردني من أجل تمكين أعضاء مجلس الأمة بمتابعة ومراقبة سير البرامج الحكومية، وهي تأتي في سياق معيار دستوري محصن أعطى المجلس سلطةَ منحِ الحكوماتِ الثقةَ وسحبها منها، وكذلك منحها شكلاً رقابياً آخر عبر الأسئلة والإستجوابات.
وأضاف أن هذه الأدوار الهامة للمجلس التي كرسها دستور عام 1952، وتجذرت عبر الإصلاحات الدستورية التي توجت في تعديلات العام 2011 بتوجيهات ملكية سامية، مكنت المجلس مراراً من تقويم وتجويد مسارات عديدة في أداء الحكومات المتعاقبة، وصولاً إلى الغاية الرئيسية التي يتشارك الجميع فيها خدمة للوطن والمواطن.
وتابع رئيس مجلس النواب: على الرغم من أهمية الدور الذي يقوم به المجلس، إلا أن تقييمه غالباً ما يصطدم بصورة نمطية مكرسة لدى البعض، وهي صورة أقرب ما تكون مشوبة بالنقد ومبنية إما على نتائج الانتخابات ذاتها، أو على مواقف تأتي أحياناً كنتاج لتصرفات فردية من قبل أعضاء البرلمان.
وأضاف الطراونة: صحيح أن ما يقوم به المجلس هو من وحي المهام المناطة به دستورياً، لكن تجويد عمليتي الرقابة والتشريع يحتاج إلى جهد كبير وخبرات متراكمة وعمل متواصل سواء في لجان المجلس بوصفها مطبخُ التشريع، أو تحت القبة عند المناقشة وتقديم المقترحات، فهي عملية متراكمة غير منفصلة، إلى حين الوصول للنتائج المرجوة في إقرار القوانين، أو مرور الأدوات الرقابية بمراحلها الدستورية، فهي عملية لا تتم على عجل، على النحو الذي يتصوره البعض، إنما هي نتاج لمرحلة تنضج فيها القوانين وتصبح أكثر قابلية للتطبيق والفهم وغير مشوبة بالعوّر تراعي مصالح الأفراد والجماعات بما يرتقي بمختلف مؤسساتنا الوطنية ويحقق تطلعات ورغبات ومصالح المواطنين.
وتابع الطراونة في محاضرته: كثيراً ما نواجه أسئلة من مثل ماذا قدم مجلس النواب؟، وأحياناً تصل حالة التشاؤم لدى البعض بالتساؤل ما الداعي لوجود مجلس نواب؟، معتبراً أن الوصول لتلك المرحلة يعني أننا ما زلنا بحاجة إلى قراءة شاملة ومتأنية إزاء قانون الانتخاب، وإجراء تعديلات جوهرية عليه، وكذلك العمل على إعادة بناء المجتمعات التي تختار ممثليها في البرلمان، فالناس هي من تختار النائب عبر صناديق الاقتراع وهي ذاتها التي تصب غضبها عليه وتطالبه بالرحيل، وهي معادلة تحتاج بالفعل إلى مراجعة، إذ أن الرغبات العجولة بحل مجلس النواب عند أي موقف، تعني أننا نحارب خيارتنا بأنفسنا ونخسر أهمية ومكانة سلطة هي للناس ومن رحم الناس، وليس في مصلحة أحد إضعافها.
وقال الطراونة إنه طالما تصدى للدفاع عن مؤسسة البرلمان، وقد كان نهجاً اتبعه منذ أن حظي بثقة النواب في رئاسة المجلس أول مرة، إيماناً منه أن هذه المؤسسة لا بد وأن تبقى ملاذ المواطنين وبيتهم، “فهي نتاج خياراتهم وتعني بصورة وما أنها سلطتهم المركزية في تجسيد مبدأ المشاركة الشعبية باتخاذ القرار، وذلك من خلال تثبيت مفهوم أن النواب هم ممثلو الشعب وأنهم لسانهم تحت القبة في نقل مطالبهم وتحقيق تطلعاتهم”.
ودعا الطراونة أعضاء مجلس النواب إلى تقبل النقد الموجه إليهم سواء من جمهور ناخبيهم أو سواهم، والعمل على تصويب الأخطاء، وتجويد العمل، “فالناس أملها كبير بالمجلس، ويعز عليها أن لا يكون ممثلوها على قدر الأمل المعقود عليهم، مثلما أدعو المواطنين بالوقت ذاته إلى تغليب لغة الحوار في مختلف القضايا، وتوجيه أصابع النقد والملاحظة دون تجريج أو إساءة، حيث إن لغة الحوار وحدها هي التي تمكننا من تجاوز الأزمات وتحقيق التطلعات، والمضي بالأردن قوياً قادراً على مجابهة الصعاب”.
وتابع الطراونة: وعلى النحو الذي يسعى دوماً أن نصل إليه جلالة الملك عبد الله الثاني، معتمدين على أنفسنا، فإنني استشعر معكم اليوم الخطر المحدق ببلدنا، فالتحديات ماثلة ولا تحتاج إلى من يشعرنا بخطورتها، وعلينا جميعاً الالتفاف خلف قيادتنا وتمتين جبهتنا الداخلية، وأن ينهض كل بمسؤوليته على اختلاف موقعه، فالحكومة مطالبة اليوم بإيجاد صيغ جديدة تتجاوز فيها فرض مزيد من الضرائب، وعلى أنفسنا كنواب تكثيف العمل في الرقابة المستمرة على أداء الحكومة وتكريس مبدأ العمل السياسي لأداء السلطة التشريعية، من خلال بلورة مواقف الكتل والائتلافات النيابية، ما يسبغ الأداء البرلماني لوناً سياسياً يفترض أن يعكس على شكل برامج عمل لها اتصال بإرادة الشعب وتطلعاتهم، الأمر الذي يصب في خانة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، ولكن بطريقة ذات جدوى وتنظيم، وهي أمور إن تحققت تدلل على المعنى السليم للشراكة التي تحقق مصالحنا الوطنية بأعلى درجات الحصافة والمسؤولية، وبهذا نبدأ بأولى الخطوات التي تجنبنا ارتدادات الهزات المحيطة.
وقال إنه من المهم الإشارة إلى أن إستئناف مجلس النواب لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة منذ العام 2008، يعد خطوة مهمة، حيث انعكس ذلك على روح وأداء النواب، وحفزهم للمضي في ممارسة دورهم الرقابي، فقد خرجت توصيات المجلس حيال التقارير من الأعوام (2009-2015) إلى الملأ، وأملنا كبير بأن تُسهم في ردع المخالفين، انطلاقاً من كونها خطوة مهمة في ملف الإصلاح الإداري والمالي وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم في الحفاظ على المال العام.
وأشار الطراونة إلى ما وصفه الدور الكبير الذي يقوم به المجلس في ملف الدبلوماسية البرلمانية، “حيث نسعى من خلال عقد اللقاءات مع سفراء الدول العربية الشقيقة والدولية الصديقة، إلى نقل التحديات التي تواجه المملكة بخاصة أعباء اللجوء والأزمة السورية، وكذلك التحشيد الدولي لنصرة قضية الأردن المركزية “القضية الفلسطينية” بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني بتأسيس دولته المستقلة، ووقف الاستيطان والتهويد، وكذلك التأكيد على مواصلة الوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، التي كان لها الأثر الواضح والمشهود في صون المدينة المقدسة، وعدم المساس بهويتها العربية الإسلامية”.
وأكد أن إسهامات أعضاء مجلس النواب في ملف الدبلوماسية البرلمانية كانت واعية ومدركة لحجم التحديات المحيطة بنا، ومن خلالهم حظي البرلمان الأردني بتمثيل واسع في اتحادات برلمانية عربية ودولية.
وختم الطراونة بالقول إن مجلس النواب أسس منذ انطلاقة أعماله لنهج الشفافية المتواصل لأدائه عبر إصدار تقرير دوري يصدر كل شهرياً، يتضمن مختلف أعمال وأنشطة المجلس، في خطوة يراد منها إطلاع الرأي العام والمتابعين لمجمل أعمال المجلس.