كلام عن الأم والكرامة.. وستيفن هوكينغ

86

الأردن اليوم – كتب جهاد المنسي:

ليس مقبولا أن تمر ذكرى معركة الكرامة التي يصادف اليوم ذكراها الخمسون دون ان نستذكر بطولات رجال ومقاومين بذلوا الغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن، والدفاع عن ترابه، وكسر جبروت جيش الاحتلال الصهيوني الذي ظن انه في نزهة ربيعية في الاغوار، ولكنه وجد عزيمة وتعاضدا أجبراه عن طلب وقف النار والانسحاب.
ونحن في ظلال المناسبة تعيدني الذاكرة لما شاءت لي الصدف ان اسمعه بلسان البطل والقائد مشهور حديثة الجازي في أكثر من مناسبة وهو يتحدث عن المعركة وعزيمة جيشنا العربي، ومقاومين تعاضدوا معا لإعادة الاعتبار لأمة عانت من مرارة هزيمة نكراء في حزيران 1967 كلفتنا خسارة أجزاء غالية من الأرض العربية (سيناء والجولان والضفة الغربية)، بما فيها القدس.

بكل فخر وعنفوان كان يتحدث الجازي، رحمه الله عن المعركة، وعن ارادة النصر التي تجلت في عيون وسواعد عسكر ومحاربين وضعوا نصب أعينهم النصر والدفاع عن تراب الوطن وتحقيق النصر على الجنود الصهاينة، وبكل سعادة كان يحدثنا عن لذة النصر الذي تحقق.

فيا ايها الخالدون في الذاكرة.. ايها المدافعةن عن تراب الوطن.. ايها الشهداء الذي ارتقوا دفاعا عن الوطن.. ايها المرابطون على الحدود تحمون الوطن من ظلاميين ومتصيدين ودخلاء.. كل عام وانتم بخير، وللشهداء الذين ارتقوا الرحمة والخلود، والمجد للقادة والابطال الذين ارتقوا للرفيق الاعلى.

ولأن الـم وطن، ولأنها كرامة، ومدرسة، وحنان، شاءت المصادفة ان يكون يوم الكرامة في نفس توقيت يوم الأم،  فكل عام وأمي وكل الأمهات في هذا الوطن بألف خير، كل عام وأم الشهيد بخير، كل عام وام الجندي المرابط على حدود الوطن بخير وعافية، كل عام والام الفلسطينية  الصابرة المجاهدة المقاومة بالف خير، كل عام والامهات اللواتي يرابطن في الحرم القدسي بخير وقوة وعنفوان، كل عام والامهات المثابرات على اداء الصلوات في كنيسة القيامة بخير.
كل عام والام السورية والعراقية بالف خير، كل عام وكل ام ايزيدية عانت من مرارة الجماعات التكفيرية الظلامية بالف خير، ولعل  القادم افضل والظلام مندحر والشمس أكثر وضوحا.

(2)
قبل ايام توفي العالم البريطاني الفيزيائي ستيفن هوكينغ وهو الاشهر والاكثر تأثيرا على مستوى العالم والذي تميز بذكاء وقدرات عقلية فائقة رغم ضعفه البدني واستطاع ان يدخل العلم والعلماء في مساحات جديدة عبر اكتشافه الثقوب السوداء وانها يمكنها أن تصدر جسيمات ذرية، على عكس كل النظريات المطروحة آنذاك، وسمي هذا الإشعاع باسمه “إشعاع هوكينغ”.

فهذا العالم الذي لم تقعده حالته المرضية عن المثابرة والمتابعة والاكتشاف لم ينشغل في تكفير هذا او منح ذاك صكوك غفران، وانما أشغل ذهنه في كل ما من شأنه تقديم ما هو مفيد للبشرية وللعالم بكل اصنافهم والوانهم وأعراقهم وأديانهم، واستطاع ان يثبت نظريات علمية جديدة تضعه في مصاف نيوتن واينشتاين وغيرهم من عباقرة العالم.

لم يتوقف هوكينغ عند العلم وانما كانت له مواقف سياسية تقدمية واضحة فهذا العالم الفذ اعتبر غزو العراق العام 2003 جريمة حرب، ودعم مقاطعة الأكاديميين لإسرائيل، وناصر الحملات المطالبة بنزع الأسلحة النووية، وانسحب في أيار(مايو) 2013 من مؤتمر صهيوني حيث قالت حينها جامعة كامبردج إنه فعل ذلك في إطار مقاطعة بعض الأكاديميين البريطانيين احتجاجا على احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وكان له موقف واضح من العدوان الصهيوني على غزة العام 2014، وقبل ذلك عمل بشكل واضح مع حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية للعلماء الإسرائيليين والحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها.

اليوم، غاب ستيفن هوكينغ عن البشرية، وترك لنا ارثا علميا حضاريا، ومواقف سياسية وانسانية، وكتبا علمية غير مسبوقة، وافكارا يتوجب متابعتها من قبل علماء اخرين والبناء على ما حققه هوكينغ من تقدم.

اترك رد