الأردن اليوم – عادةً ما تكتسب التحف القديمة بريقًا مميَّزًا عند تنظيفها بالطرق الخاصة، واللوحات الفنية ليست باستثناء. إذ يحرص العاملون والمُختصون في المتاحف على تنظيف اللوحات الفنية القديمة باستعمال سوائل خاصة تُحافظ على الألوان وتمنع امتزاج الألوان ببعضها البعض وتخريب اللوحة.
إلا أن زوَّار متحف اللوفر لاحظوا أن لوحة الموناليزا نادرًا ما يتم تنظيفها وإزالة الغبار من عليها. فاللوحة التي تجلس في ركنها الخاص في اللوفر في باريس، تكتسي بطبقة سميكة من الغُبار، ولا يتم تنظيفها على عكس العديد من اللوحات الفنية القيِّمة الأخرى. فماذا يُمكن أن يحدث إن تم ترميم لوحة الموناليزا؟
لماذا لا يتم ترميم لوحة الموناليزا مثل باقي اللوحات القيِّمة؟
مؤخرًا، ظهرت لوحة “السيدة بالأحمر” التي يبلغ عمرها 400 عام، بحُلَّة جديدة مُرضية بعد أن تم تنظيفها باستعمال سائل خاص عبارة عن مزيج من المُذيبات والجل صُمّم خصيصًا لإزالة الورنيش الأصفر عن اللوحة، وتجنب الإضرار بالطلاء الأساسي.
وبعد انتشار مقاطع الفيديو والصور لعملية ترميم الألوان للوحة “السيدة بالأحمر”، سارع العديد من مستخدمي موقع Tumblr بالمطالبة بتنظيف لوحة الموناليزا الشهيرة للفنّان ليوناردو دا فنشي بنفس الطريقة.
لكن القول أسهل من الفعل! فقد قام مستخدم Tumblr “إلينور” بشرح ما يُمكن أن يحدث للوحة إن تم تنظيفها بنفس الطريقة.
“إلينور” شرح الآلية كالآتي: (خلال أول عملية ترميم للوحة الموناليزا سنة 1809م، تم تدمير طبقة الطلاء الأولية، ما أدى لتخفيف درجة الألوان وظهرت اللوحة “باهتة” عمَّا كانت عليه بالأصل. حيث تسببت عملية الترميم الأولى بانكماش الطلاء أثناء تجفيفه بسبب تقنيات دا فنشي التجريبية في الرسم).
هذا يعني أن خطر إتلاف رائعة دا فنشي خلال أي عملية ترميم مرتفعٌ للغاية. يُذكر أن لوحة الموناليزا تحمل الرقم القياسي العالمي في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، بأعلى قيمة تأمينية للوحة، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي في عام 1962م. ومع أخذ التضخم بعين الاعتبار، تبلغ قيمة التأمين الحالي على اللوحة حوالي 700 مليون دولار أمريكي.
لتقريب الأمر أكثر، يُمكن أخذ لوحة “العشاء الأخير” كمثال على ذلك، وهي لوحة من روائع أعمال الرسَّام دا فنشي. عند النظر إلى عملية ترميمها، فقد كانت عملية مُضنية تتم على حذرٍ شديد. إذ كان الفنيّون يقومون بتنظيف 4 سم في اليوم، والالتزام بخطوات صارمة بحيث لا يُسمح لأكثر من 15 شخص بدخول غرفة الترميم لأن عامل الرطوبة يزداد مع التنفس ويُمكن أن تلتصق جزيئات البشرة باللوحة وتُلحق الضرر بها.
وعلى الرغم من كل إجراءات الحيطة والحذر في عملية الترميم، إلا أنها لم تظهر بالشكل الأصلي الذي كانت عليه بالبداية، والسبب أن تقنية الرسم التي استعان بها دا فنشي تختلف عن تقنيات الرسم المعروفة بين الرسامين على الجص. فمن الشائع أن يتم الرسم على الجص بألوان رطبة بعد تبليله وترطيبه، إلا أن دا فنشي رسم على الجص الجاف، ما يعني أن الطلاء لم يمتزج كيميائيًا مع الجدار. حتى قبل موت دا فنشي، كانت اللوحة قد بدأت بالتقشر فعليًا.
لذلك، من الخطر المجازفة في تنظيف طبقة الورنيش الأصفر على الموناليزا أو محاولة ترميمها، بذلك مخاطرة كبيرة بسلامة اللوحة والتي يُمكن الجزم إلى حدٍ كبير أن طلاءها سيتآكل إن تعرَّض إلى أي مواد كيميائية نظرًا لتضرر طبقة الطلاء الأساسي للوحة.