مفكرون وعلماء يبحثون في عمان سؤال النهضة في العالم العربي

65

الأردن اليوم – جمعت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في الذكرى العاشرة لتاسيسها، اليوم الأربعاء في عمان، نخبة من كبار المفكّرين والباحثين والناشطين وممثلي المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص من الأردن والعالم العربي، في مؤتمر حمل عنوان “النهضة العربية: تجديد الرسالة الحضارية”، لبحث سؤال النهضة في العالم العربي وإمكانية التجديد الحضاري فيه.

ويهدف المؤتمر الذي انطلق برعاية الجامعة الأردنية وبالشراكة مع مكتبات الجامعة الأميركية في بيروت ومنتدى الفكر العربي في الأردن، وينعقد على مدار يومين، إلى إعادة كتابة فصل جديد من التطوير والحداثة في المنطقة، وأخذ خطوات عملية للوصول إلى عالم عربي تسوده مجتمعات متنوعة ومتسامحة وساعية لنيل المعرفة، من خلال توظيف القدرات الفردية والجماعية لتقديم إجابات واضحة على العديد من الأسئلة العالقة.

وستقدم المنظمة العربية للديموقراطية، خلال المؤتمر مقترحا لمشروع النهضة، يستمدّ مكوناته من دراسة عميقة وشاملة لخبرات وتجارب “النهضة” المختلفة في العالم العربي، التي اتسمت بالتسامح والإنسانية والعدالة.

وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة، إن سؤال النهضة هاجس كل عربي وأعز آمانيه، وتحتاج إجابته إلى مراجعة معمقة شاملة صريحة لتجارب النهضة في القرنين الماضيين، مرجعا الإخفاق، عربيا، في تحقيق حلم النهضة لضياع كثير من فرص الإصلاح في المجتمعات العربية، وتراكم الفشل، والصراعات المقيتة التي شهدتها الساحات العربية في احتكار السلطة في مشهد من التبعية والاستبداد والفساد، ما أدى إلى تواري المشروع النهضوي واختفاء الزعامات الوطنية لصالح الولاءات والأجندات الفئوية.

وأجمل المحافظة عدة عوامل في سياق تفسيره لإخفاق النهضة العربية المعاصرة في تحقيق تطلعات شعوبها، أهمها عدم وضوح تصوّر مشروع النهضة، وانقسام المجتمع على مستوى النخب حول طبيعة هذا المشروع وحدوده، اضافة إلى العلاقة المتوترة أحيانا بين السلطات الحاكمة في بعض البلدان وبين حركات المجتمع المدني، والصراع العربي الإسرائيلي، مؤكدا على الحاجة الملحة للتغيير في الواقع العربي من خلال منح مساحة كافية من الحرية للشعوب، وانخراط المواطنين في الشأن العام في احترام القانون وحقوق الإنسان، لأن المجتمع المدني الفعّال هو أكبر شرط وضمان للديمقراطية والنهوض.

وقال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبو حمور، إن الأزمة الفكرية والثقافية التي يعيشها العالم العربي لا تقل خطورة عن باقي الأزمات في مجالات أخرى، إنْ لم تكن هذه الأزمة هي الأخطر كونها نابعة من ظواهر تفتيت وتشرذم وتقسيمات على مستوى الانتماءات والهويات الفرعية، المذهبية والطائفية، إضافة إلى أزمة الفكر المتطرف والتعصب والتكفير.

وبيّن أبو حمور أن المناقشات التي أجراها منتدى الفكر العربي في التحضير لمشروع النهضة الفكرية العربية، “أوضحت أننا لا نستطيع فصل هذه الأزمة عن امتداداتها في حقول التعليم والاقتصاد والتكنولوجيا والعلوم، فالمنطقة العربية ما تزال بحاجة إلى جهود حثيثة لمكافحة أميّة القراءة والكتابة، التي ما تزال نسبتها مرتفعة وتصل إلى حوالي 20%، ناهيك عن الأميّة المعرفية التكنولوجية وهي الأخطر أثراً في المستقبل القريب والبعيد على السواء”، محذرا مما أظهرته الفرصة السكانية عام 2030؛ من أن نسبة الشباب في الوطن العربي ستكون في ذلك الحين 70% من عدد السكان، وهناك 50% من الوظائف لن تكون موجودة في المستقبل؛ أي إن نسبة البطالة حاليا مرشحة للارتفاع بشكل خطير “ما لم نتدارك هذا التحدي بالتخطيط الاستراتيجي وفق أسس وتصورات فكرية استشرافية”.

في حين، أشار مدير إدارة الثقافة في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الدكتور محمد سعد الهاجري، في كلمة نيابة عن الأمانة، سعي الأمانة العامة للجامعة في نشر الثقافة والنهوض باللغة العربية وحمايتها من الإندثار، والعمل كذلك على حماية التراث الثقافي العربي، خاصة في ظل الظروف الراهنة وما يمارسه الإرهاب والمتطرفون من سرقة ونهب وتدمير لهذا التراث، مؤكدا سعي الأمانة الحثيث لمواجهة هذا الفكر المتطرف ببث الوعي الكافي لخطورة هذا الفكر.
أما رئيس مجلس أمناء منظمة النهضة العربية الدكتور زيد عيادات، فقال انه بعد مرور عقد على تأسيس المنظمة “ها هي النهضة العربية المؤسسة، تستنهض النهضة العربية الفكرة، وتنفض الغباروالصدا عما لحق الفكرة، والعمل، والمشروع، وتعمل معكم على صياغة عقد أخلاقي جديد يؤطر السياسة والعمران والفنون”.

وأضاف عيادات، أن استشراف المستقبل لم يعد ترفا، بل بات حاجة ماسة لأمن الدول وبقائها، وإذ تشهد الدول والمجتمعات إرهاصات الثورة الصناعية الرابعة وما بعد الحداثة والعلمانية، ومرحلة “تحّول وانفجار معرفي ومعلوماتي” كبرى، “فبات من الضروري أن ننتقل بالتحليل السياسي من سرد القصص إلى الواقعية العلمية، وبناء النماذج التنبؤية التي تمكننا من فهم الواقع الدولي وتفسيره والتنبؤ بالتغيرات ومعرفة اتجاهاتها ، للوقوف على أفضل السبل للتكيف معها والتأثير فيها أو السيطرة عليها”.

وعرضت مديرة دائرة خدمات البحث العلمي والتعليم في الجامعة الأميركية في بيروت فاطمة شرف الدين، لمحتويات دليل النهضة العربية الذي يقام على هامش المؤتمر، واعدّته مكتبات الجامعة التي تحتوي على إرشيف كبير لأدبيات وتاريخ وصحافة النهضة العربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وأشارت شرف الدين إلى أن هذا الأرشيف هو مقصد لمختلف الباحثين في لبنان والعالم للحصول على مصادر متعلقة بعصر النهضة العربية، موضحة أن عددا كبيرا من رواد النهضة في لبنان كانوا من المنتسبين إلى الكلية السورية الإنجيلية التي هي اليوم الجامعة الأميركية في بيروت.

ويشارك في جلسات المؤتمر أسماء كبيرة لباحثين ومفكرين وناشطين عرب، مثل: علي أومليل، رضوان السيد، واسيني الأعرج، حسن حنفي، فهمية شرف الدين، حسن نافعة، عبدالله السيد ولد أباه، محمد شحرور، عبد الجبار الرفاعي، يونس قنديل، المحبوب عبد السلام، طارق متري، أبو يعرب المرزوقي، محمد جباب، سعاد جوزيف، ابراهيم عوض، ماجدة السنوسي، لؤي الصافي، محمد حصحاص، أحمد ماضي، عزمي محافظة، علي محافظة، ابراهيم غرايبة، زيد عيادات.

اترك رد