مع نشر هذه المقالة، تكون اقتربت الساعة أو كادت للاحتفال الصهيو-أمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتنفرد إسرائيل بالمدينة المقدسة وسط ذهول العالمين: الإسلامي والمسيحي والذي تمثل لهم القدس الموئل الروحي- وحسب صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية فإن ما يقارب (30) ثلاثين سفيراً من أصل ستة وثمانين سفيراً معتمدين لدى إسرائيل، سوف يحضرون الاحتفال مع الوفد الأمريكي الذي يرأسه وزير المالية (ستيف منوتشين) وابنة الرئيس ترامب، ايفانكا، وزوجها المستشار (جاريد كوشنير).
إنه (حدث القرن) الذي ارتكبه (ترامب) متحدياً المجتمع الدولي، حيث رفض ممثلو (128) دولة في (الأمم المتحدة) هذا القرار، كما خرج به عن مألوف الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين رفضوا اتخاذ هذه الخطوة، باعتبار القدس جزءاً من الأراضي المحتلة، وركنا أساسياً في النزاع العربي- الإسرائيلي، وحل الدولتيْن الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية نيابة عن اللجنة الرباعية في العملية التفاوضية ما بين طرفي النزاع: الفلسطيني- الإسرائيلي.
* إن ثمة تداعيات خطيرة لهذا الإجراء الذي تجاهل التحذيرات العربية والعالمية وبعض الدوائر الأمريكية، ومن ابرز هذه التداعيات، على الصعيد المحلي: المزيد من التوتر بين طرفيْ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حيث الشعور الإسرائيلي بالدعم الأمريكي المطلق على الصعيد السياسي.
– تكثيف الفعاليات في تنفيذ مشروع تهويد القدس، وإيجاد واقع جغرافي- سكاني لتعزيز الوجود الإسرائيلي في القدس.
– تشجيع قطعان المستوطنين لاقتحامات متكررة، وقد تكون مبرمجة، لساحات (الحرم القدس الشريف).
– قيام السلطات المحلية الإسرائيلية (البلدية) بتنفيذ مشاريع جديدة بهدف اجتذاب السياحة الخارجية (للعاصمة)! وينعكس ذلك على حجم الزيارات المشبوهة من السياح وغيرهم للحرم القدسي الشريف… وممارسة السلوكيات الاستفزازية من طقوس دينية أو اعتداءات صهيونية.
أما على الصعيد الدولي:
– سيبرز التباين بين الموقفين الأمريكي والأوروبي تجاه عملية السلام والمتمثلة في حل الدولتيْن بشكل أكثر وضوحاً: شهادة الوفاة الأمريكية لحل الدولتيْن ورد الفعل الأوروبي العاجز.
– تصبح القضية الفلسطينية على خطر عظيم بين مجتمع دولي لا يملك القدرة على اتخاذ قرار جاّد، وتحالف صهيو- أمريكي يمارس الإجراءات الأحادية في تنفيذ مشاريع التهويد والاستيطان وإيجاد واقع جغرافي- سكاني جديد في المدينة المقدسة.
وأما على الصعيد العربي:
– فيدخل (الخيار العربي الاستراتيجي الوحيد) المتمثل بالحل السلمي وعملية السلام في فراغ سياسي.
– من غير المحتمل أن تكون القضية الفلسطينية أولوية عربية في أجندتها السياسية في ضوء الوهن العربي نتيجة لتضارب المصالح فيما بينها، وتباين الآراء تجاه القضية الفلسطينية والتعامل مع إسرائيل، فضلاً عن المعركة مع الإرهاب.
ويبقى مبعث أمل، على المدى البعيد، أن لا يتسع مجال التنازلات العربية، وأن يزداد التمسك بالثوابت الأساسية في دعم الصمود الفلسطيني وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه في اقامة دولته المستقلة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعاصمتها القدس المحتلة.