معروف لدينا نحن العرب والمسلمون عروبة القدس، وقدسيتها العظيمة ، وأن قرار نقل السفارة الاميركية من تل ابيب اليها لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً، ولكن القرار سيضر كثيراً بعملية السلام، وبالوضع القانوني للمدينة المقدسة التي تعتبر أرضاً محتلة وفق معاهدة جنيف الرابعة.
وبنقل السفارة الاميركية الذي سيتم اليوم الى المدينة المقدسة، في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، سيضاف يوما أسود جديداً في تاريخ القضية، ولكن لا بد ان يكون حافزاً وصرخة ضمير عالمية، لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم وقهر واحتلال ومصادرة حقوق، وتعرية للموقف الاميركي المنحاز ظلما وزوراً الى ما يسمى «اسرائيل».
اليوم، لا يمثل نكبة ويوما اسود بتاريخ القضية فقط، بل في واقع الامر هو تشييع لعملية السلام الميتة أساسا منذ زمن، وسقوط الادارة الاميركية كطرف محايد ونزيه من هذه المفاوضات التي لم تثمر عن اي شيء سوى ضياع حقوق الشعب الفلسطيني.
كما يؤشر قرار نقل السفارة الى بداية مرحلة جديدة، تسعى اليها ادارة ترمب، في اغلاق ملفات معقدة وحساسة وصولا الى تسيّد اسرائيل في المنطقة، والتي سيكون أعقدها التفرغ للحرب الجديدة في سوريا، وقد تفتح جبهة ايران وتحجيم نفوذها في المنطقة والقضاء على حزب الله.
ويعتبر قرار واشنطن الانسحاب من الملف النووي، الخطوة الكبرى نحو الاعداد لهذه الحرب التي ستكون طاحنة ضد حزب الله والميلشيات الايرانية في سوريا، ولا يمكن التنبؤ بمدى نمو واتساع كتلة اللهب التي ستتدحرج في المنطقة.
تهدف واشنطن من هذه الحرب الى تنظيف المنطقة – وفق رؤية تل أبيب – من ما تبقى من أعداء، والبدء في سياسة فرض الأمر الواقع، وهو منطق القوة والضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية، والدخول لما يسمى بـ « صفقة القرن» التي يقال ان بعض الدول العربية تؤيدها وتمولها.
ووفق التسريبات الأخيرة لهذ الصفقة، فانها تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، وضياع المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، والتخلي عن ارض فلسطين التاريخية.
ولكن ما العمل ؟، ففي ظل التشتت العربي والحروب الاهلية التي تعم بعض البلدان العربية الكبيرة كسوريا والعراق، وانشغال بعض الدول الأخرى بأزمات ثنائية، ولد حالة من الضعف والهوان العربي، الامر الذي ترك الكرة في ملعب الشعب الفلسطيني وحده للرد على هذا القرار، بالخروج الى الشارع.
تحرك الشعب الفلسطيني هو وحده – في الوقت الراهن – الذي سيربك دولة الاحتلال الصهيوني ويغير في المعادلة السياسية ان ارتقى مستوى التحرك الى انتفاضة عارمة تعم الاراضي الفلسطينية عامة، وهو ما تخشاه اسرائيل اليوم وتنشر له ثلاثة ألوية قتالية على حدود غزة وفي نقاط التماس بالضفة المحتلة، تشمل نشر 11 كتيبة عسكرية على حدود القطاع.
مشهد المنطقة، يدار لصالح اسرائيل، بعقلية القلعة والقوة، دون اخذ اي اعتبار للاتفاقيات الموقعة او قرارات الامم المتحدة ، فهناك مخطط لا يصب في مصلحة الامة، يسعى الى انهاء القضية الفلسطينية، وسيكون الاردن اكثر المتضررين من هذا المخطط ، وعلينا في المملكة ان نستعد لخطوة ما بعد نقل السفارة.. والله اعلم ماذا ستكون..؟!!