جلـــوسٌ مبــاركٌ 19

93

الأردن اليوم – كتب محمود عطاالله كريشان:

هاشميّونَ.. والهوى هاشميٌّ.. يَرْتَوي من معينهِ كُلُّ صادِ.. ماؤُهُمْ أَوّلُ الشَّرابِ.. وزادُ الْـخَيَّرينَ الكرامِ أَكْرَمُ زادِ.. خَصَّهُمْ خالِقٌ السَّماواتِ والأَرْض.. بتاجِ الهُدى، وتاجِ الرَّشادِ وَهُم.. القَادرون: خَيْلاً، ونَخْلاً.. والمُجَلَّونَ: في الرُّبى، والوهادِ..
انه صباح طيب مبارك، يستمد شذاه من عطر الولاء الأردني للعرش الهاشمي النبيل.. والشعب الأبي ينشد كُله اليوم على لحن واحد: معه وبه إنا ماضون، فلتشهد يا شجر الزيتون . . فرحاً وزهواً..واعتزازا بهذا الزمن الجميل، الذي لا نجوع فيه ولا نجزع..او نخاف.. ويرتدي عباءة عشق «هاشمية» عندما يحتفل الأردنيون بالعيد التاسع عشر لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على عرش المملكة الأردنية الهاشمية، وهم يؤكدون العزم والتصميم والإرادة على استكمال مسيرة البناء والتطوير والتحديث والإصلاح الشامل التي يقودها جلالته بكل شجاعة وثبات.
عرشه في القلوب
ولا شك ان الهاشمية شجرة مباركة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، فقد أثمرت الملك عبدالله الثاني، الذي نعيش هذه الايام فرحةَ عيد جلوسه الملكي على العرش النبيل، ليستمر الاردنيون على لحنهم الخالد بالولاء والوفاء لبني هاشم الغر الميامين،..وان عبدالله الثاني الملك المفدى، قائداً ورائداً وزعيماً، الذي اختار ان يكون عرشه في القلوب لا في القصور.. فهو القريب دوما من ابناء اسرته الاردنية الواحدة التي تمضي على عهدها بأن يبقى الجميع حراسا لشجرة آل البيت المباركة فوق هذه الارض الطيبة.
فرحة ابناء الوطن بمناسبة عيد الجلوس الملكي .. فرحة ولاء وإنجاز ونهضة وثقة وإيمان عميق بمستقبل أفضل يتحقق للاردن فيه المزيد من النماء والرخاء.. فهي فرحة اعتزاز وثقة بقيادة هاشمية تتسلح بالعزيمة والارادة وقبلها بمحبة الناس هنا ومضت بالوطن نحو بر الأمان، بعزيمة قائد فذ وشعب أبي، تشرق عيونه بالمستقبل المزهر الذي رسم ملامحه بالصبر والارادة والتحدي جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الاول لتسلمه سلطاته الدستورية.
ان احتفال الأردنيين بعيد الجلوس الملكي التاسع عشر، يتزامن مع مسيرة النهضة الشاملة التي يقودها جلالة الملك برؤية استشرافية وفكر ثاقب نحو أردن أقوى.. ومستقبل افضل والحفاظ على تميز الأردن، كنموذج للأمن والاستقرار بالاضافة لما يتميز به هذا البلد الطيب في الانفتاح السياسي والاقتصادي والديمقراطي وتبني مفهوم التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة وبروح حضارية وعصرية.
د. معروف البخيت
وبهذه المناسبة الوطنية الغالية قال الدكتور معروف البخيت نائب رئيس مجلس الاعيان رئيس الوزراء الاسبق، انه وفي الذكرى السنوية الناسعة عشرة لتولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية تتنوع سياقات الحديث وتتعدد تبعا لتنوع مجالات الانجاز والتطوير، فخلال عقد واحد من الزمان استطاع القائد الرائد ان ينتقل بالاردن الغالي إلى القرن الواحد والعشرين، بكلّ ما لهذا التعبير من دلالات ومعان، وهي نقلة تستحق التمعّن، وتستحق أيضاً أن تكون درساً من دروس القيادة والإرادة السياسية: فهي من حيث المبدأ، شواهد ماثلة، ويمكن استنطاقها، بحثاً وتحليلاً، وبما يبرهن، عملاً وإنجازاً، على أهمية العامل القيادي في تحقيق المعجزات، واختصار المسافات، والتغلب الواثق على المعيقات والتحدّيات، مهما بلغت درجة صعوبتها.
وبين البخيت ان العقد الماضي، من حكم عبد الله الثاني، المديد بإذن الله ورعايته، كان عقد الإنجاز والتفاعل مع الصعاب وتذليلها، في منطقة شهدت أكثر أشكال التحولات والاستحقاقات الصعبة، حدّة وخطورة: فبات معها مفهوم الأمن القومي، مهدّداً أو موضع سؤال، للعديد من الدول والكيانات السياسية، حتى الكبرى منها. وصار الحديث عن التنمية أو الإصلاح بمعاييره المتعدّدة، أقرب إلى الحديث في الغيب، مع تبدّل الأولويات، وانتكاسات مفهوم الأمن القومي العربي، وتنوع التحديات وأيضاً: تسارعها.
واشار البخيت الى انه وضمن هذه المناخات الصعبة والمعقدة، قاد عبدالله الثاني السفينة الأردنية، بعزيمة وإصرار، ولم يستهدف جلالته، فقط، برّ الأمان، بمعناه التقليدي، ولكنه كان يرنو، مع طالع كل فجر جديد، إلى إنجاز كبير يتحقق، وتنمية تستمر وتتوسع، وجبهة داخلية تزداد متانة وقوة.. وكانت النتائج مذهلة بحق، وبكل أمانة، ولا اقل من ان نقرأ كيف اصر جلالته وفي هذه الظروف المعقدة، على أن لا تتأثر مسيرتنا الديمقراطية: فشهدت البلاد تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، وتطويراً ملفتاً على قوانين وتشريعات التنمية السياسية، باتجاه تحقيق مفاهيم ومتطلبات الإصلاح السياسي. وعلى الصعيد التنموي، أصرّ جلالته على إحداث نقلات نوعيّة، مرتبطة عضويّاً بمفهوم العدالة في التوزيع، وأبدى جلالته حرصاً واضحاً تجاه المحافظات وتنميتها.. وفي ذات الإطار، أشرف جلالته شخصياً على توفير مظلة شاملة للأمان الاجتماعي، تشمل كافة الفئات المتضررة من التفاعلات الاقتصادية العالمية.
سليل مدرستين وعميدهما
واوضح البخيت ان هذا الكم الهائل من الانجازات المتنوعة والشاملة وغير ذلك الكثير ضمن ظروف اقليمية ودولية بالغة التعقيد ما كان ليتحقق لولا بروز العامل القيادي ودوره الحاسم، في شكل واسلوب العمل والجهد، وهو ما يدعوني للحديث عن ابرز السمات القيادية لدى جلالة الملك، وقد كان لي شرف الخدمة قريبا من جلالته في اكثر من موقع.. وبحكم هذا الشرف بالاقتراب والمعرفة وبحكم خلفيتي العسكرية استطيع القول: إن السمات القيادية لجلالته، هي نتاج امتزاج بديع، بين قيم عليا، ومثل سامية في مدرستين شريفتين، دائما هي مدرسة لآل البيت الاطهار، آل بيت النبوة. وجلالته سليلها وعميدها، وهذه المدرسة هي حصيلة رسالة شريفة تنظر الى المُلك بوصفه تضحية وفداءً وخدمة للأمة، وليس مجرد سلطة فحسب، وهي ذات المدرسة التي قدمت للأمة العربية، خلال العصر الحديث مواكب من القادة والثوار والشرفاء والشهداء :ممن رفعوا لواء النهضة والتحرر وما بدلوا تبديلا، اما الثانية، فهي المدرسة العسكرية الأردنية، الجيش العربي، وريث جيش الثورة العربية الكبرى، وحامل رايته وقيمه، وجلالة الملك عبدالله الثاني هو ابن هذه المدرسة، مثلما هو قائدها الأعلى، وقدوتها ورمزها.
ونوه البخيت انه معلوم أن جلالة الملك عبدالله الثاني امضى فترة شبابه الأولى ضمن صفوف المؤسسة العسكرية، ويقينًا، ان هذه الفترة اكسبت جلالته ثروة من المعرفة، واتاحت له التعامل والاطلاع على شؤون وطبيعة حياة او متطلبات الشرائح الاجتماعية المتنوعة، وبشكل خاص من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، وقد برز جلالته اثناء مسيرته العسكرية الممتدة ضابطا وقائدا وقائدا اعلى كعسكري محترف ومقاتل صلب لا تلين له عزيمة، في الدفاع عن القيم العُليا التي نشأ عليها وحمل رسالتها.
الشعور التام مع الآخرين
وبين البخيت ان هذه الخلفية الفكرية والعملية حددت سمات القيادة لدى جلالته على نحو واضح فجلالته يتسم بجملة من الصفات التي ميزت اداءه قائدا وملكا وابرزها: وضوح الهدف، الحرص على الدقة في التنفيذ، المتابعة الدائمة والمستمرة، الشعور التام مع الآخرين، والاصرار على مساعدتهم، ايلاء الأهمية المتقدمة للجانب الميداني وتجاوز الحواجز والبروتوكولات، الانحياز التام لغير القادرين، وتمثل معاني العدالة، الابتعاد عن الشكليات والدخول فورا الى الجوهر، التسامح وسعة الصدر، الحسم النهائي في الوقت المناسب، التواضع الكريم في التعامل مع الآخرين، الثقة بالنفس، الاصرار على امتلاك زمام المبادرة دائما ومنح الصلاحيات وتعزيز مبدأ القدرة على اتخاذ القرار لدى المسؤولين، والمراقبة عن بعد والحرص على التقييم اولا بأول ومن ثم التدخل المباشر عندما تدعو الحاجة.
واكد ان هذه السمات كانت بمثابة ملامح رئيسة للقيادة الأردنية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وقد كان لهذه السمات تأثيرّ جلي على صناعة السياسة الأردنية واجتراح المبادرات خارجيا وداخليا وفي كافة المجالات: السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والمعرفية، واستطاع الاردن بقيادته المبادرة ان يتجاوز المنعطفات التاريخية الكبرى، ليخرج منها اكثر قوة وعزيمة، وان يواصل بناء نهضته، ويستكمل مسيرته التنموية، بارادة لا تلين، هي في اصلها ارادة قائد استكمل كافة صفات وشروط القادة التاريخيين الذين يُعزى اليهم الفضل، في نهضة وتقدم دولهم.
واضاف البخيت انه يبقى القول: إن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله استطاع برؤيته ومواقفه الحاسمة، ان يحافظ على مكتسبات واستقرار هذا البلد، بوصفه وطنا اردنيا هاشميا نهائيا، عربي الوجه واليد واللسان، ولتتحول بذلك كل اسئلة المشككين الى شواهد على خيبة اصحابها، مثلما هي شواهد حاضرة على الأثر الحاسم للقيادة العليا وارادتها السياسية في صون الأوطان، وتحقيق الاجماع الداخلي، ومواصلة مسيرة التنمية والتحديث والاصلاح.
مجمل العشق والولاء
مجمل الولاء المطلق والعشق الأبدي: يبقى جلالة سيدنا المفدى الملك عبدالله الثاني حارس الوطن، وفارسه.. وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني قرة عين سيدنا المفدى .. وكل عام وقائد الوطن الملك عبدالله الثاني بألف خير.. و:

تَزهو بك الكوفيًةُ الحمراءُ
والتّوأمانِ : التّاجً، والعلياءً
والأوفياءً الجًنْدً حولكَ رايةٌ
خَفّاقةُ..وعزيمةٌ شمّاءُ
كَتَبوا اسمَكَ الغالي بحَدِّ سيوفِهِم
فوق الزُّنودِ ..فعزَّت الأسماءُ
وعلى شِغافِ قلوبِهِم زَرَعوا الحمى
فقلوبُهُم كسهولِهِ خَضْراءُ
يا سَيفَ هاشم ..يا عباءَتَهُ التي
بِظِلالِها يَتَفَيّأُ الشُّرَفاءُ
نحن الرجالُ..وأنتَ أكرمُ قائدٍ
فليهنأ الأجدادً ..والآباءُ

اترك رد