كتب: ليث العجلوني
مهما كتبنا من كلمات وقلنا من كلام، فإن كل أحرف العالم لا تكفي لتعويض قطرة دم واحدة سالت من دماء أبنائنا واخواننا في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وهم يفدوننا بأرواحهم ودمائهم لننعم بالأمن في وطننا.
الأردن اليوم ليس بحاجة للتظاهر والادعاء من خلال الكلمات والشعارات الرنانة على وسائل التواصل الاجتماعي، فكم من شخص رأيناهم يغردون على وسائل التواصل الاجتماعي وهم ينعمون بخيرات هذا البلد في فللهم في أرقى مناطق عمان الغربية وينظرون علينا بالوطنية وأفعالهم على الأرض وفي الخفاء تثبت ما هو عكس ذلك تماماً، وفي أفضل الأحوال لم يجرب هؤلاء حياة المعاناة اليومية لأبناء الأردن المخلصين من منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في ظل تدني دخولهم وغياب الخدمات العامة المقدمة لهم، فمن لا يعرف العسكري الأردني وحياته ومعاناته اليومية في المواصلات والصحة وتعليم أبناءه لا يعرف الأردن.
بالأمس ذهبت ومجموعة من الاصدقاء للقيام بواجب العزاء لأهل الشهيد علي قوقزة من مرتبات الدرك، حيث يقطن الشهيد في قرية سوف في أعالي محافظة جرش، وأول ما جال في خاطري عند وصولي لبيت العزاء هو معاناة الراحل اليومية في ذهابه إلى عمله في المواصلات العامة وتدني دخله وغياب الخدمات والتنمية عن قريته، لا بل ومحافظة جرش بأسرها!!
العسكريين في الأردن هم الأقل دخلاً وهم من يأتون من مختلف قرى المملكة الأقل حظاً وتنميةً والأكثر فقراً لحماية ترفنا في عمّان مقابل عيش زهيد لهم.
مكافحة الارهاب في الأردن يجب أن لا تنطوي فقط على العمل العسكري والاستخباري فقط، علينا في الأردن أن نعمل بجد لمكافحة التطرف الذي يولد الارهاب بشتى أنواعه، وأن نكافح مسببات هذا التطرف؛ مثل الفساد وانعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي وغياب الأفق السياسي ودمج الشباب في الحياة السياسية وعملية صنع القرار في الأردن.
اعتقد أن الفساد وانعدام العدالة الاقتصادية من المولدات الرئيسية للتطرف الفكري في الأردن الذي يؤدي بدوره إلى الارهاب وهذا ما لا يؤخذ على محمل الجد كثيراً في الأردن، ومن أكثر الامور استفزازاً رؤيتي بالأمس للعديد من الفاسدين المتنعمين في قصورهم في عمان وهم يغردون معزيين بالشهداء.
يا أعزائي المغردين من قصوركم في عمان، ماذا تعرفون عن فقر محافظات هذا الوطن؟! ماذا يعرف ابناءكم خريجي الجامعات العالمية عن غياب فرص التعليم لشباب هذا البلد بسبب فقرهم على الرغم من ذكائهم وتفوقهم ونباهتهم ؟؟! ماذا يعرف جماعة “من الله دولة” واللاند كروزر الموشحة بالتاج الملكي ومدعي “الشيخة” عن أبناء عمومتهم الفقراء الذين يموتون ليحموهم؟!
أنا أجزم بأنهم لا يعرفون أي شيء عن هذا الكلام وعن تلك الحياة التي يعيشها أبناء القرى والمحافظات الأردنية.
الأردن اليوم ليس بحاجة لا لاستراتيجيات ولا خطط ولا تغريدات، الأردن اليوم بحاجة إلى فعل وخطوات تنموية حقيقية على أرض الواقع، نحتاج تنمية اقتصادية حقيقية في القرى والمحافظات، وادماج سياسي للشباب اليافعين في هذه القرى، الأردن بحاجة للتخلص من الفساد بمختلف اشكاله، والأردن أيضاً بحاجة للانفتاح والتنوير والتثقيف الفكري واتاحة حرية الفكر والتعبير لخلق بيئة مناسبة لتطوير العقول الأردنية وتنويرها وطرد الأفكار الارهابية منها.
كفوا عن التغريد وهيا للعمل في الميدان مع المهمشين وليس مع قاطني الفلل في عبدون ودابوق وغيرها.
حمى الله الأردن ورحم شهداؤه وعافى المصابين.
– ليث العجلوني