الاردن : هل كشفت قضية فساد مستشفي البشير المستور؟ … هل بلغ الفساد والترهل الاداري حدود مرض السرطان يصعب الشفاء منه؟ … متى ستكون اولى جرعات العلاج الكيماوي يا دولة الرئيس الرزاز؟

128

الأردن اليوم – أحمدعبد الباسط الرجوب

اسعد الله اوقاتكم دولة الرئيس … كم كنت اتمنى ان لا ازعجك بمقالي هذا والذي اتي على وقع (دخالة العرب) التي لجأ اليها مدير عام مستشفى البشير في الأردن  حيث قرر عدم التوجه إلى عمله في المستشفى ” إن لم تعمل الأجهزة الأمنية على توفير حماية شخصية له، بعد أن تلقى تهديدات بالقتل من أصحاب المصالح “، طالبا فزعة وزير الداخلية والامان على حياتة وفريقة من المساعدين الذين تعرضوا للتهديد من قبل مجموعة من الاشخاص على اثر الاعتداء الذي جرى على موظف في المستشفى من قبل آخرين قبل أيام من قبل المنتفعين الذين كشف مستورهم هذا الطبيب الجريء بعد أن اكتشف الموظف المعتدى عليه أن هناك 800 شخص على قوائم موظفين الخدمات ويتقاضون رواتب بدون حضورهم الى اماكن عملهم ، حيث انهم كانوا يتقاضون رواتبهم وهم في بيوتهم على نمط حراس خفر العمدة في الصعيد المصري (مع احترامي للابطال الصعايدة في المحروسة) وهى البطالة المقتعة بعينها وهذا يندرج تحت حالة ادارية مرضية (من المرض) اي الترهل الاداري المقرون بسرطان الفساد والغش العبثي في قطاع الادارة الحكومية…. فالوظيفة ألعامه أمانه مقدسه وخدمه اجتماعيه قوامها الالتزام المخلص الواعي بمصالح المواطنين وحقوقهم وحرياتهم على وفق إحكام الدستور…

كثير من الاستحقاقات التي تطلب (بفتح التاء والطاء واللام) من الحكومات المتعاقبة تنفيذها ، الا انه قد ظهر جليا وواضحا بأن الحكومات كانت تلجأ دوما للمناورات وهو ما بدى جليا بأن حبل المناورات والمكر السياسي قصير وان هذه الاستحقاقات كان لها عواقب إيجابية على المواطنين الاردنيين ، حيث قد بدى واضحا بان هذه الحكومات كانت عاجزة عن تقديم ما هو النافع للاردنين وانهم أي الاردنيين لم يعد يثقوا في المناورات وان الشعب ينتظر دوما قيام الحكومات بإصلاحات كبيرة وعميقة من حيث الاهتمام بإصلاح الإدارة في اجهزة الدولة والذي يتطلب تعديل وتحديث مدونات السلوك الوظيفي مما يساهم في احداث تغييرات في سلوكيات الموظفين وانماط تفكيرهم ، وتحديث نظم وقوانين شؤون الموظفين واللوائح التنفيذية الناظمة لتطبيقها مع رؤية موحدة وخطط واضحة للتطوير والابتعاد عن المركزية الادارية وأستمرارية التعليم والتدريب وربطها بالمسار الوظيفي مع التركيز على التدريب التحويلى والذى يعنى تحويل الموظف إلى وظيفة مطلوبة ، ويوجد فيها نقص فى الموظفين مع تطبيق قواعد الثواب والعقاب ودون تساهل ، وعليه ومما سبق فإن الضرورة تقتضى إنشاء بيئة سياسية تتصف بالقيادة الأمنية وحماية موظفي الحكومة من التدخلات السياسية وهفوات البلطجة التي يتستر خلفها فارضين الاتاوات وخير مثال على ذلك حادثة التوظيف الصوري التي فاحت تبعياتها وازكمت الانوف من قساوة مشهدها والتي دفعت وزير الداخلية والاجهزة الامنية الى اخذ زمام المبادرة لحماية مدير مستشفى البشير ومساعدية…

إن الترهل والفساد الإداري مسميات لحالة مرضية يمكن أن تصيب النظم الاجتماعية وهى حالات لها علاقة بالاختلالات الإدارية في اجهزة القطاع العام التي تنجم عنها العبث في مقدرات هذه النظم والاستغلال والتلاعب في حياة المواطنين. فالترهل والفساد الإداري يعنيان سوء استخدام المنصب لغايات ومآرب ضيقة وشخصية. وتتضمن قائمة الفساد على سبيل المثال لا الحصر ” الابتزاز ، واستغلال النفوذ ، والمحسوبية ، والاحتيال والاختلاس ” ، وبالرغم من أن جميع الناس ينظرون إلى أن اعتبار الترهل والفساد خطيئة القطاع العام إلا انه موجود أيضا في القطاع الخاص ، بل أن القطاع الخاص متورط أحياناً في معظم أشكال الفساد الحكومي وخير مثال على هذا النمط من الفساد والافساد هو هذا الذي نحن بصددة في حادثة البشير ودور القطاع الخاص في فصول تورطة وتبعياته المشينة … الامر الذي يجعلنا ننتظر بفارغ الصبر متى ستكون معركة مواجهة الفساد وجرعات المعالجة بالكيماي يا دولة الرئيس؟…

إن تردي الأوضاع الاقتصادية وقلة الرواتب والأجور التي لا تؤمن مستوى معاشي مقبول ، فضلا تأثير التضخم باستنزاف جزء منها ، وتبديد الموارد بفعل سوء التخطيط وحالة الفقر لنسبه كبيره من المواطنين ،وزيادة نسبة البطالة ، ومحدودية فرص التوظيف لقلة الاستثمار المحلي والأجنبي في مشاريع جديدة ، مما دفع هذا الواقع بالفاسدين للعمل على زيادة دخولهم المكتسبة من الفساد والعمل على تكريسه للإبقاء على نمط حياتهم وعليه فإن الأداء الإداري يضعف وينكمش فيها ليصبح دون المستوى المطلوب في ظل حالة ينتشر فيها الفساد ما يؤثر على المصلحة ألعامه ، وتظهر أهمية العوامل الاقتصادية باعتبارها احد اسباب الفساد الإداري والمالي وما ينتج عنه التساهل في تلبية طلبات المتنفذين وفارضي الاتاوات (والخاوات) وامتثال الموظفين البسطاء لهذه البلطجيات وبخاصة اذا كانت تلك الحالات التي يقف خلفها متنفذين من رجال اعمال ومال او وزراء حاليين او سابقين او نواب وغيرهم من اصحاب الجاه والنفوذ الملطخ بلعنة الزمان والمكان عليهم دائرة السوء في حلهم وترحالهم وغالبا ما تكون على حساب الخدمة والمنفعة ألعامه وهذا يعتبر تجسيدا حيا للانحراف والمسبب للفساد والذي تتركز اسبابة ومسبباته في رأينا على ما يلي:

– شيوع ظاهرة الواسطة وتمرس أصحاب النفوذ الاجتماعي في استغلال علاقاتهم الشخصية غير الرسمية بإنجاز بعض الإعمال التي تتعارض مع القوانين.

– توظيف الانتماءات والعلاقات الاسريه في التعامل الرسمي من خلال الضغط على المسؤولين لتحقيق مكاسب ومزايا بغير وجه حق والمثال على ذلك (التعين ومنح الوكالات والتراخيص…الاخ) وحالة مستشفى البشير شاهد عيان على ذلك.

– كثير من السلوكيات التي تدخل ضمن مسمى معين باتت سلوكا عاديا يمارسه الموظف العادي ويتقبله الراشي والمرتشي … فالراشي يدفع لإنهاء إعماله بسرعة وبدون روتين والمرتشي يعتقد إن هذا حقه الطبيعي.

– التمسك الخاطئ من قبل المواطنين والادارين ببعض الامثله الشعبية التي تخيل للعامة بأنها مبادئ وقيم ملزمه للسلوك مع أنها تتناقض مع القيم الدينية وتتسبب في التستر على المخالفين والتغاضي عن الانحرافات والمخالفات وتتساهل مع حالات التزوير التي تحول الإدارات والمصالح الحكومية إلى بؤر فساد … ومن هذه الامثله ” قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق “…

– توفر حصانه لدى اصحاب النفوذ مالكي شركات القطاع الخاص وكبار الموظفين تحميهم من المساءلة والملاحقة في قضايا الفساد (اذا كان نائبا او وزيرا عاملا او سابقا) يلزم موافقة مجلس النواب على احالتهم للمحكمة عند ثبوت قضايا الفساد عليهم…

ولما تقدم فإننا نثمن عاليا قرار رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بتحويل ملف القضية إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وهو ما أكده دولة الرئيس خلال زيارته الى مستشفى البشير الحكومي يوم الاثنين 8/10/2018  حيث اكد دعمه لإدارة المستشفى في مواجهة كل مظاهر الفساد والترهل الإداري، والمضي في مسيرة إصلاح المستشفى …

واخيرا وليس اخرا … كان الله في عونك دولة الرئيس الرزاز على موروثك لارث السياسة ألاقتصاديه المرتجلة والفاشلة للحكومات السابقة والأزمات ألاقتصاديه في ظل عدم وجود دراسة جدوى للمشاريع الفاشلة وتدني دخل الفرد ، وارتفاع تكاليف المعيشة وسوء التخطيط والتي كانت في مجملها مدخلات شجعت على الفساد بكل أنواعه واوصلونا الى قعر الزجاجة … لكن مشيئة الله سترت علينا بأنهم لم يجلسونا على الزجاجة وقد اوشكوا على ذلك …

حمى الله الاْردن وادام عليه نعمة الامن والامان…

السلام عليكم ،،،

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub21@yahoo.com

اترك رد