الاردن: هل المغردون الاردنيون من هواة اليوتيوب في الخارج يعانون من امراض الغربة؟ … هل ظروف عزلتهم اصابتهم بهلوسة الاكاذيب والتلفيقات تفريجا عن همومهم؟ … هل أصبحت عودتهم قريبة على طائرة الخميني لإصلاح العباد والبلاد؟!
أحمد عبد الباسط الرجوب
تحاول العديد من الأطراف الاستفادة من التطور التكنولوجي وبخاصة انتشار ظاهرة الفيديوهات المسجلة على اليوتيوب التي تبث سمومها بالأخبار الكاذبة والملفقة بالأسلوب التهريجي التشويقي والذي يستهدف فئة الشباب المتابعين لهذه الوسائل الشيطانية والتي في نظري أصبحت وكأنها مرافق صحية عامة يقضي فيها حاجته كل عابر سبيل او متسكع من مدمني القدح والذم واغتيال الشخصيات بدم بارد وأيضا من خلال الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها الكبير على متابعيها من كامل أنحاء العالم، من خلال توظيفها لخدمة مصالحها بهدف دفع المستخدمين لتبني مواقف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية معينة، لا سيما وأن هذه المواقع مثلت نقلة هامة في صناعة الإعلام زادت من حجم مساحة حرية التعبير المضلل في الكثير من الدول…
ومن أبرز ظواهر اليوتيوبيات (YouTube) او الفيديوهات المسجلة أنها ساهمت في زيادة مساحة المتابعين العبثيين والذين ليس لهم هم الا سماع الاخبار المقلقة والملفقة من هؤلاء الذين يسجلون هذه اللقطات من على قارعة النواصي التي تعيش فيها الضفادع والقوارض والتي احوج ما يكون علاجها بالمبيدات الحشرية كونها تؤذي المجتمع والبيئة واتت من دول فيها هامش الحرية متاح لكل أصناف البشر والحيوانات… أعلم كم نعانى من فقر في المعلومة وتخلف في وسائط اعلامنا الرسمية والشباب في ضائقة وتخلف معرفي وهشاشة استراتيجية، ولكن ذاك صنيعنا بأنفسنا من خلال ممارسات حكوماتنا العابرة السبيل، ولكن دور المثقف هو رعاية الأمل في إعادة البناء وليس التدمير والمحافظة على بلدنا من شر تسونامي الأعاصير المتربصة بنا من جميع الاتجاهات، فالأبناء الذى يتنكرون لأمهم لن يشفع لهم أنها ليست الأجمل بين النساء!.
كان ظهور مواقع التواصل الاجتماعي نقلة هائلة بلا شك في صناعة الإعلام، إذ أنها كسرت الاحتكار الذي تمتعت به وسائل الإعلام التقليدية، من صحف ومجلات ووكالات أنباء وشبكات الإذاعة والتلفزيون، لسنوات طويلة في نقل الأخبار والتقارير، وبث المقابلات والتحليلات وأصبح بمقدور أي فرد أن يقدم برامجه الخاصة على موقع يوتيوب وأن يبث ما يشاء من أخبار على موقع فيسبوك أو موقع تويتر ، بل وأصبح لبعض النجوم من زعماء سياسيين ودينيين ونجوم سينما ولاعبي كرة القدم، بفضل هذه المواقع متابعون بالملايين يفوق عددهم أحيانا من يتابع بعض محطات الإذاعات أو قنوات التلفزيون الرسمية ، ونحن مع هذا الانتقال الرحب والذي يتيح لنا جميعا متابعة مستجدات الاحداث والاخبار العالمية الصادقة والتي تثري معلومات المتابعين والمهتمين في القضايا السياسية والاقتصادية والتقدم العلمي العالمي الى غير ذلك من طفرات ما تنتجه بيوت الصناعة ودور العلم من مستجدات …
وفي ذات السياق كفلت هذه الوسائل حرية التعبير في الدول التي تعيش في ظل أنظمة قمعية، وقدمت لمن يطالبون بالتغيير في هذه الدول منصات لمخاطبة الجماهير، والتأثير في مواقفها، وهو ما كان غير متاح في ظل سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام التقليدية وقد تطور الأمر بحيث باتت مواقف قادة وزعماء، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تظهر أولا عبر ما يغرد به على تويتر، وبعدها تتولى وسائل الإعلام التقليدية تحليل هذه التغريدات سعيا لمعرفة مواقف ترامب وتوجهاته…
وعودة لأبطالنا الاردنيين من أصحاب منصات اليوتيوب العابرة الينا من الأطلسي واصقاع الدنيا والذين قد هبط عليهم الوحي فيما يبثون من تسجيلات لأخبار ملفقة تعكس حالة العزلة التي آلت بظروفهم وعزلتهم والتي اصابتهم بهلوسة الاكاذيب والتلفيقات تفريجا عن همومهم ولم يجدوا الا هذه النافذة لبث سموم امراضهم على طريقة أفلام هوليوود على مجتمعنا وهنا أتذكر جيدا الرسائل التي كان يبثها الخميني من فرنسا وعاد بطائرة الى طهران واستقبله الإيرانيون وكان ما كان … هل أصبحت عودتهم قريبة على طائرة الخميني لإصلاح العباد والبلاد؟! وهؤلاء الجهابذة من المغردين يسايرهم نفر من الشباب ليس لقناعتهم بما تبث هذه اليوتيوبيات بل لسد فراغهم وللتسلية طالما انهم وجدوا ضالتهم في هؤلاء المغردون الذين أصبحوا (أي المغردين) عالة حتى على اسرهم… وهنا تبرز مشكلة أخرى مرتبطة بمتابعي قنوات اليوتيوب أو بطريقة استخدام فيسبوك من قبل جمهور المستخدمين، وهي أن الكثير من المستخدمين ينشرون أو يعلقون أو يغردون ليس بحثا عن الحقائق المجردة في القضايا المختلفة التي تواجههم، ولكن تعبيرا عن توجهاتهم وعواطفهم ومواقفهم والتي تتناغم مع المادة التي يستمعون لها…
وهنا تبرز المشكلة في أن قطاعات كبيرة من الجمهور تكتشف زيف هذه الأخبار المنشورة، ولا تتأثر بها، لكنها ستفقد الثقة في الأخبار وفى وسائل الإعلام، لأنه في كثير من الأحيان تقوم هذه القنوات بنقل خبر كاذب أو مضلل ، وهو خطأ مهني فادح، لكن للأسف يقع فيه بعض المتابعين وتتلقفها منشورات الواتس اب (WhatsApp)، والجري وراء السبق في ترديد هذه الاشاعات، والرغبة فى زيادة أعداد القراء او اللايكات، فمعظم الاخبار الكاذبة (Fake news) تحتوى على عناصر جذب هائلة، تجعل من الصعب على بعض الناس او حتى بعض الصحفيين تجاهلها أو عدم الإشارة إليها، وهذا ما حدث في ” شأننا الأردني الداخلي ” عندما تعرضت هذه القنوات للإجازة الخاصة التي كان يقضيها الملك عبد الله الثاني مع اسرته خارج البلاد ومحاولة بعض اليوتيوبريين بث سموم اخبارهم الكاذبة والملفقة والمزيفة عن هذا الموضوع وهى اخبار ملفقة وغريبة وعارية تمامًا عن الصحة، لكنها للأسف كانت في صدارة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت مقاطع هذه الفيديوهات والتي كانت كلها غير صحيحة وفي ظلّ وجود تطبيقات تواصل اجتماعي هائلة في بلادنا وكانت التغطية الإعلامية الحكومية شبه منعدمة وعدم التوضيح للناس عن غياب جلالة الملك هو واسرته في إجازة خاصة، فاعتمد الناس على مقاطع هذه الاشاعات وكما اسلفت كانت كلها في غالب الأحيان غير حقيقيّة وغير واقعية…
إذن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يقاوم الناس إغراء نقل الاخبار الكاذبة (Fake news) وكيف يعملون على كشفها؟ كذلك كيف يكتشف المواطنون الأخبار المزيفة ولا يقعوا ضحية سهلة لها؟ أسئلة نطرحها على وسائل اعلامنا الحكومية في بلادنا للكشف عنها ومعالجتها…
حمى الله بلادنا الاردنية من كل مكروه وجنبها شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن ،،،
السلام عليكم ،،،
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com