مشروع البخيت على طاولة الرزاز

68

الأردن اليوم – حسين الرواشدة

قبل نحو تسع سنوات (كانون الاول 2010) طرح رئيس الوزراء الاسبق، د. معروف البخيت، رؤيته لمشروع الاصلاح الشامل في بلدنا، مرت منذ ذلك الوقت حكومات متعددة، انشغلنا معها بالحوار والاحتجاج ايضا، وصولا الى حكومة الدكتور الرزاز الان، التي اشهرت في اول ايامها مشروع النهضة الوطني.

بوسعنا الان ان نتذكر ما طرحه الدكتور البخيت، ليس فقط لنفهم ما جرى طيلة هذه السنوات التسع وما انجز، وانما ايضا لنفكر جديا بما فعلناه بانفسنا وبما يمكن ان نحققه في المستقبل، ثم لكي نقارن بين تلك الرؤية التي قدمها الرجل وبين ماقدمته الحكومة الحالية والنخب السياسية ايضا، وربما لكي نعتذر للبخيت الذي اخذنا عليه آنذاك انه تحلى بالنفس الطويل لاتمام هذا المشروع ( مدته 30 عاما) على اعتبار ان مجتمعنا لم يكن جاهزا للانسجام معه وانجازه.
اقترح الدكتور البخيت آنذاك اطلاق مشروع اصلاحي شامل لتطوير النظام السياسي الاجتماعي الاردني وصولا الى تداول السلطة التنفيذية على اساس الاغلبية البرلمانية والحزبية، يحتاج تنفيذه – كما تصور- الى مرحلتين: الاولى مدتها 20 سنة تبدأ بحوار وطني شامل يمكن ان تساهم فيه الحكومة بمسودة مشروع جدي، ويفضي الى انتاج حالة سياسية فاعلة تنتهي بتشكيل حكومة سياسية تعمل وفق الدستور ولا تمتلك اية حصانة وتخضع للمراقبة والمحاسبة وتمتلك من السلطات ما يكفي لاداء مهمتها التنفيذية دون ان تهيمن على السلطات الاخرى او على مؤسسات المجتمع المدني، وتتسلح ببرامج سياسية ولا تحتمي خلف رأس الدولة الى جانب نظام برلماني يعكس تمثيلا واقعيا للمجتمع ونظاما قضائيا مستقلا.. ومؤسسات مجتمع مدني تعكس تنظيما مدنيا ينسجم مع التنظيم السياسي للدولة.
في المرحلة الثانية (ومدتها عشر سنوات) يمكن الانتقال بحسب د. البخيت الى تداول السلطة التنفيذية على اساس الاغلبية البرلمانية والحزبية على مرحلتين: 1 – تحضير المجتمع والمؤسسات للنظام السياسي المطلوب. 2 – تحقيق المشاركة السياسية الفاعلة..
المشروع في ظل غياب رؤية نقدية لمسيرة الاصلاح السياسي في بلادنا على امتداد السنوات الماضية- كما ذكرت في هذه الزاوية وقتها – كان فتحا جديدا من شأنه ان يكسر حدة الجمود والفقر واللذين انتجا ما نعانيه من انسدادات وازمات في مختلف الميادين والمجالات، وحين قلت «فتحا» جديدا فانا لم اقصد فقط ما تضمنته من افكار وطروحات، وانما لاعتبارين: احدهما يتعلق بالتوقيت والاخر بمن صدرت عنه هذه الدعوة، ولا اعتقد ان المسألتين بحاجة الى تعليق.
طرحت آنذاك سؤالين : احدهما هل نحتاج فعلا الى ثلاثين سنة قادمة لانجاز هذا المشروع، ولماذا ؟ اما السؤال الاخر فهو: هل لدى الفاعلين في حياتنا السياسية رغبة في تنفيذ هذا المشروع، واذا كانت الاجابة نعم فلماذا تم طي مجلدات الحوارات واللقاءات التي خرجت عن عشرات اللجان، وبالتالي ما هي الضمانات التي يمكن ان تتوفر لانجاح اي مشروع للاصلاح السياسي؟
الان بعد مرور نحو ثلث المدة (9 سنوات)،يجب ان نسأل انفسنا : ماذا انجزنا في هذه الفترة واين اصبنا واين اخطأنا ثم كم نحتاج لانجاز مشروع الاصلاح الذي قدمه البخيت، او اي مشروع آخر يصب في مطالب المجتمع ويساهم في بناء الدولة ؟
ليس لدي اجابة محددة، يكفي ان اعيد ما قلته مرارا وهو ان تعطل قطار الاصلاح في بلادنا دفع قطار نفاد الصبر الى مزيد من السرعة، وان الاولوية التي يفترض ان تشغلنا اليوم هي العمل على تحفيز الهمة الوطنية لمنعها من الوقوع في الاحباط واليأس، وهذا لا يتحقق الا اذا بدأت عجلات قطار الاصلاح بالحركة.. ووضعنا ما يلزم من كوابح للتحقيق ما امكن من سرعة قطار نفاد صبر المجتمع.. واعتقد ان المهم ان نبدأ..

اترك رد