عندما يقف التجار والصناعيون وفعاليات استثمارية صفا واحدا مطالبين بعدم شمول اصحاب الشيكات المرتجعة بالعفو العام لا يخدم المجتمع والاقتصاد بشكل عام، فالعفو على الجانب الجزائي مع استمرار المطالبة بالجانب الحقوقي يعطي فرصة للمدين والدائن لتحصيل ما يمكن تحصيله من دينه ولو بعد حين، فالبقاء بالسجون يكلف الخزينة امولا طائلة، ويلحق بالاسر والمجتمع اضرارا بالغة، ويترك آثار مؤلمة على المدينين وعائلاتهم.
عندما اجرت السلطة القضائية تعديلات على قانون اصول المحاكمات بشأن الشيكات قبل اكثر من 17 عاما حيث نص التعديل على عدم الحبس الفوري لساحب الشيك المرتجع الا بعد اخذ الدرجة القطعية انتقد محامون كثر ذلك التعديل علما بأنه اعتبر تقدما مهما في التقاضي في المنازعات المالية واتاح فرص للوصول الى حلول مالية بين اطراف العمليات المالية في حينه.
وفي مناقشة فاحصة لاهمية إعفاء ساحبي الشيكات والمحكوم عليهم في قضايا الشيكات لا يفقد الدائن استمرار المطالبات الحقوقية وإمكانية تحصيل اية اموال وموجودات تتوفر لدى المدين، اما الاصرار على حبس المدين فهو يخالف المنطق فالتاجر الذي عمل فترة طويلة وربح هو والدائن يفترض ان لا يتنكر لاحد طرفي العلاقة فالحبس بحد ذاته لا يحل المشكلة وانما يعقدها اكثر ويزيد الاعباء على الطرفين وعلى الاقتصاد.
سحب الشيك المؤجل وقبول الدائن به يفترض ان يرتب مسؤولية على الطرفين، فالشيك اصلا أداة دفع فوري ( ادفعوا لامر ..) وان تحويل الشيكات الى اداة إئتمان يمكن ان يؤدي الى عدم توافق التدفقات النقدية لتواريخ صرف الشيكات وعندها يدخل طرفا العلاقة في منازعات يفترض ان لا تكون من جهة، وتلحق ضررا بالغا في سمعة الشيك باعتباره اداة دفع فوري من جهة اخرى.
تحويل الشيكات الى أداة تمويل آجلة تفضي الى زيادة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد في ظل تباطؤ الاقتصاد وارتفاع تكاليف التشغيل والنفقات الادارية والعمومية في ضوء زيادة اسعار الضرائب والرسوم والطاقة الكهربائية واجور العمل، وهذا بدوره يقود الى إعسار بالجملة وخروج تجار وصناعيين من السوق بما يؤدي لزيادة المتعطلين عن العمل واتساع نطاق الفقر، علما بأن البطالة والفقر بلغا مستويات عالية وتزيد البطالة عن المعدل العام في العالم العربي المقدر بمعدل
15.5 % تقريبا.
محاولات القطاعين التجاري والصناعي تسويق ان شمول قانون العفو بالشيكات ينذر بأزمة عميقة غير مفهوم وغير منطقي، فالاساس ان يبحث التجار والصناعيون عن آلية تقاص لعملياتهم وانشطتهم بعيدا عن الشيكات الآجلة المحفوفة بمخاطر عدم التحصيل، فالاجراءات التي اتخذها البنك المركزي والبنوك المرخصة وتغليظ الغرامات لم تحل المشكلة فالاساس الابقاء على الشيكات أداة دفع فوري فقط …اما التمسك بحبس العباد لايحل المشكلة ويفاقم الاوضاع التجارية والصناعية والاجتماعية..ومن يقبل شيكا مؤجلا عليه ان يتحمل جانبا من المسؤولية، وهذا متعارف عليه في الدول المتقدمة.