إعادة ترتيب المحاور الإقليمية

78

الاردن اليوم – ارحيل غرايبة

كانت المنطقة العربية وما زالت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وهي تمثل مسرحاً لصراع المحاور العالمية، فبعض الدول العربية انخرطت في المحور الأمريكي الغربي، وعدد قليل من الدول العربية انخرط في المحور الشرقي الذي يتمحور حول الاتحاد السوفياتي سابقاً وورثته روسيا الاتحادية.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ضعف المحور الشرقي، وتعملق المحور الأمريكي الغربي، واتجهت أمريكا لبناء نظام عالمي جديد يقوم على فكرة القطب الواحد، حيث إن هذا النظام فشل فشلاً ذريعاً، ودفعت الولايات المتحدة كلفة باهظة لهذه الخطوة أرهقت الخزينة الأمريكية بلا مردود حقيقي، وهذا ما يحاول ترامب تعويضه.

التوافقات الدولية الجديدة حول الإقليم تقتضي الدخول في ترتيبات جديدة وإعادة بناء التحالفات الإقليمية وفقاً للتغيرات التي طرأت إبان السنوات السابقة التي أطلق عليها مصطلح (الربيع العربي)، فبرزت محاولات لدمج الكيان المحتل في المحاور الإقليمية، حيث تم التركيز على إعادة حشد الدول المنخرطة في التحالف الأمريكي ضد الخطر الإيراني، وارتفعت وتيرة هذه اللغة السياسية خاصة خلال السنتين الأخيرتين عندما برز النفوذ الإيراني بوضوح في العراق وسوريا ولبنان وانتقل إلى اليمن، وبعض الأقطار الأخرى، لكن بعد القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا والتوجه نحو تقليص الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة، بعد الجدل السياسي داخل العقل السياسي الأمريكي حول المردود الحقيقي الذي جنته الولايات المتحدة من حربها في أفغانستان والعراق، والتدخل في معظم أقطار المنطقة، مما يدفع باتجاه بناء استراتيجية جديدة مختلفة تقوم على التدخل عن بعد ودون كلفة باهظة على الصعيد المادي وعلى الصعيد الإنساني أيضاً، وصاحب ذلك صعود واضح للدور الروسي الذي أثبت حضوراً ونجاحاً في سوريا التي شكلت نقطة تحول بارزة في خارطة الصراع الإقليمي.

الانسحاب الأمريكي أحدث قلقاً سياسياً لدى حلفاء أمريكا، ولذلك يجري التفكير في كيفية التعامل مع الوضع الجديد، والإجابة على السؤال ما هو الخطر الأول الذي يهدد مستقبل المنطقة، ولذلك يجري إعادة النظر في ترتيب أولوية الخطر الإقليمي.

ومما يمكن قوله في هذا المجال أن الدول العربية معنية بتوحيد الصف العربي والرؤية العربية باتجاه أولوية بناء قوة إقليمية عربية موحّدة، وينبغي النظر إلى أن الاحتلال الصهيوني يمثل الخطر المهدد للوضع العربي، وأن عدم حل القضية الفلسطينية يمثل الخطر الذي يهدد المنطقة، ويؤدي إلى وجود التطرف، وهي التي تعمل على زرع بذور التفرقة بين الأقطار العربية، وبعد صناعة القوة العربية الموحّدة نستطيع بناء تحالفات مع الجوار الإسلامي من منطق المصلحة العربية الموحدة، والقوة العربية الموحدة يجب أن تتولى حل الخلافات داخل الصف العربي برؤية عربية بعيداً عن التدخلات الخارجية بكل أشكالها، وليس هناك أمل ببناء مستقبل عربي بعيداً عن هذه الفلسفة.

اترك رد