الكاتب صالح عبدالكريم عربيات في ذمة الله

67

الأردن اليوم – انتقل الى رحمة الله تعالى اليوم الثلاثاء الكاتب في يويمة الغد الزميل الصحفي صالح عبد الكريم عربيات، إثر مرض عضال، وتوفي الزميل عربيات عن عمر ناهز 37 عاماً، وهو متزوج ولديه ابنان.

اشتهر الزميل عربيات بكتاباته الناقدة للحكومات ونقله لآلام الناس ومعاناتهم.

وكان أخر مقال للراحل عربيات في يومية الغد بتاريخ 23/2/2019 وهي:

البلد في انكماش؟!

لا أدري ما سر موضة الانكماش التي سرت هذه الأیام في بلدنا.. فعندما كنت تذهب الى محل حلویات لشراء جوز الهند وتاكل منه حبة او حبتین لمدة ثلاثة ایام لا تتغذى من حجمها ودسامتها.. الیوم تبلع قبل ان تخرج من المحل عشرین حبة دون ان تشعر فقد أصبح حجم الحبة بحجم حبة دواء الاسبرین!

حتى المولود حین كان یأتي الى هذه الدنیا كان رأسه اكبر من رأس المحافظ، موالید الیوم لیس لهم هذه الصفات فأكبر راس مولود لا یتجاوز حجم حبة البرتقال!

وایضاً كانت البطیخة قدیما تعشي قبیلة، بینما الیوم اذا طلعلك حز بطیخ واحد على العشاء فقد تصنف على أنك من اسعد عشرة أشخاص في العالم.

برنامج یسعد صباحك استضاف سیدة یوم الجمعة الماضیة ولأنني كنت على عجل ما فهمته انا انها حولت رز المنسف الى كبة او ما شابه وكان موضوعا في الصحن وربما یحمل ذلك إشارات الى المستقبل الاقتصادي الآمن الذي ننتظر فمن دحبر وشرب قد ینتهي فینا المطاف الى ازرط!

اعرف منسفا واحدا من كمیة اللحوم التي كانت علیه.. جاء برئیس وزراء، وعین أربعة وزراء وأمین عام ومفوضان ومستشار وسفیر!

معقول المنسف الذي لم یتأثر بالحروب العالمیة إطلاقا، ولا بسنوات المحل وحتى الجراد، وصمد كل تلك العقود محافظا على هیبته ووقاره ان یتأثر هو الآخر بالانكماش الاقتصادي!

هل من الممكن ان نشاهد منسفا على لحمة مفرومة مثلا ام قطع راس عصفور او شعیریة.. بعد ان كنّا نفتح القصدیر وكان راس الخاروف وحده یحتل نصف مساحة السدر مرحبا بك كما لو انك مبعوث دولي!

هل سیكون بمرافقة كفكیر الشراب مجهر حتى نستطیع مشاهدة اللحمة ونأكلها وإذا ما أردت أن أكرم اللي بجانبي بقطعة لحم هل ابعث له صور ذرات اللحم على الواتس اب كونه من الصعب الحصول علیها في المنسف كنوع من التكریم!

أسمع عن الانكماش الاقتصادي والتجاري والصناعي ولكن، لم أتوقع یوما ان ینكمش المنسف ویصبح كبة.. وبدل ان كان یعین المنسف حكومات باعتقادي لن یعین في المستقبل مأمور مقسم!

نعم الكل منكمش.. حتى جماعة من هالشوارب وعلي بالطلاق وجیرة الله غداكو غیر عندي منذ سنتین وأكثر قد اختفوا عن الساحة!

اذا كان المنسف الذي صمد بوجه كل المؤامرات والظروف والتحدیات الاقتصادیة الصعبة لم ینكمش في حیاته قد یتحول بفكر خبراء الطبیخ الى حبة كبة.. ان كان هذا حال الزعیم فلربما المقلوبة والفاصولیاء والبامیاء فعلیا قد تصبح معرضة للانقراض!

الاقتصاد من الضرائب منكمش، والمسؤول خوفا من البوستات منكمش، والاستثمار خوفا من تكلفة الطاقة وتبدل القوانین باستمرار منكمش، والتصدیر منكمش، والحراك منكمش، وحتى السائح الذي یأتي الى الاردن منكمش وعادة ما یقول: راعینا فیها!

الحكومة التي لم تستطع المحافظة على مجرد حبة جوز الهند من الانكماش.. فهل تستطیع ولو بالاحلام ان تخرج اقتصاد دولة من الانكماش وكل ما نعرفه هو القروض والمنح؟

اترك رد