إنكار الإصابة بكورونا يساهم في تفشي الوباء
شكل استهتار بعض المصابين بفيروس كورونا بعدم حجر أنفسهم والالتزام بعدم الاختلاط بأحد، ظاهرة خطيرة أدت الى زيادة تفشي الوباء بين المواطنين.ويعزو مختصون ومراقبون هذه «اللامبالاة» من بعض المصابين بالفيروس وعدم الاعتراف بإصابتهم، إلى أسباب عديدة منها اجتماعية واقتصادية، تجعلهم يتجاهلون إصابتهم ولا يكترثون بإيذاء الآخرين بحجة أن لديهم عوارض خفيفة.كما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، بكتابة المنشورات والتغريدات التي تستنكر استهتار بعض الأشخاص بالإصابة، ما أدى إلى أن نقل الفيروس إلى أقرب الناس لديهم، وقد تصل الأمور إلى وفاة أحدهم.وينص أمر دفاع رقم (٨) لسنة ٢٠٢٠ الصادر بمقتضى أحكام قانون الدفاع رقم (١٣) لسنة ١٩٩٢، البندين 5 و6 على: (التزام المصاب «بفيروس كورونا و/أو المشتبه بإصابته و/أو المخالط لمصاب به باتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية المفروضة عليه أو التي تطلب منه لمنع نقل العدوى للغير أو تفشي الوباء وعدم تعريض أي شخص للعدوى أو القيام باي تصرف من شأنه نقل العدوى إلى الغير).ويتفق كثيرون، على أن أهم سبب اجتماعي لهذا التصرف هو «الوصمة الاجتماعية» التي ترافق المصاب بالوباء، بحيث تجعله يخشى أن يعرف الناس بإصابته ويبتعدون عنه.ستاذ علم النفس الاجتماعي بالجامعة الأردنية الدكتور مروان الزعبي، يرى، أن التهويل الإعلامي بأن الفيروس خطير ويفتك بالبشر، أثّر على بعض الناس وأصبح الإنكار وسيلة للدفاع عن الذات وأصبح لديهم ردة فعل عكسية تجعلهم يبتعدون عن الالتزام بالاجراءات الصحية المطلوبة ويتجاهلونها، حتى أن بعض الأشخاص ذهب بموضوع الوصمة الاجتماعية إلى درجة أنه شطب الصديق المصاب عن وسائل التواصل الاجتماعي وكأن وجوده كصديق سينقل له العدوى.ويحلل أستاذ علم الاجتماع الدكتور رامي حباشنة، هذا السلوك اللامبالي، ضمن فهم عملية ضبط الذات الفردي لدى هؤلاء الناس، هذا العامل الذي ثبت عالميا أنه ضروري لصحة المجتمع بشكل عام وسلامته على المدى الطويل.ويوضح الحباشنة، أن ضبط الذات يتطور خلال الفترة الأولى من الحياة لدى الأفراد، ولكن كنتيجة لضغوط التنشئة الاجتماعية عند بعضهم، يجب ملاحظة بعض التغييرات في ضبط الذات التي تنتج شخصا لا مبال ما دام الضرر لا يصيبه بشكل مباشر.ويدعو الحباشنة، إلى ضرورة أن يتحلى الفاعل الاجتماعي بمهارات اجتماعية مهمة أبرزها التعاون والاهتمام المتبادل والالتزام وممارسة أعلى درجات ضبط النفس تجاه اي تحرك، لان هذه المرحلة من الأزمة قد تسبب أذى للاخرين، فنجد الأشخاص المستهترين يفتقدون غالبا لهذه الأشكال من المهارات الاجتماعية، ما يؤدي إلى نتائج سلبية على الصعيد الصحي والوبائي.وتعزو الأستاذة المساعدة في قسم علم الاجتماع بجامعة مؤتة الدكتورة نسرين البحري، السبب لـ«عدم وجود ضوابط رسمية»، وتُركت لإرادة الشخص معتمدين على ثقافته، ناهيك أن بعضهم غير مقتنعين اصلا بخطورة المرض.وتقول البحري «إن هناك أسبابا اقتصادية، تجعل المصاب يخفي إصابته بالفيروس لانه مصدر الاعالة للأسرة فلا يمتلك رفاهية الحجر لعدم توفر مصدر رزق آخر، لان الاجراءات في حالة إصابة الشخص وتبليغ مكان عمله، يترتب على ذلك خصم مبلغ مالي بقدر مدة الإجازة وهذا يشكل عائقا عند العديد من المصابين، لتدني مستوى الدخل وزيادة المتطلبات المالية المترتبة عليه وتضيف البحري، إن بعض الأشخاص يمثل لهم المرض «وصمة اجتماعية» بمعنى إذا علم الآخرون بإصابته، فسيتم إقصاؤهم والابتعاد عنهم ويتم إبلاغ الآخرين عن إصابتهم، ما يحول دون مشاركتهم بالممارسات المعاشية اليومية من الذهاب إلى المسجد أو السوق أو الذهاب للعمل
الرأي