لقاء الملك

120

الأردن اليوم – فارس الحباشنة

أول مرة التقي الملك شخصيًا، وأول مرة أجلس على طاولة الملك. اللقاء يوم الخميس الماضي كان حافلاً بحوارية وطنية مسؤولة. الاسئلة التي طرحها الملك هي اسئلة الأردنيين من هنا وهناك، بمعنى بالداخل «المحلي» والاقليمي العربي والشرق أوسطي. الانشغال بالسؤال عن الجيوسياسي الأردني، وفرص السياسية والدبلوماسية في إقليم مضطرب ومنفلت، وعالم هائج بالتحولات والانقلابات الاستراتيجية.

في اللقاء الملك كان مرتديا لباسا عسكريا، وهو قادم من زيارة ميدانية لاحدى وحدات الجيش العربي. وبقدر ما يوحي اللباس العسكري بالصلابة والقوة والعزيمة والشدة، فإن الملك كان بحواره ديمقراطيا ومنفحتا، ومستمعا لكل الآراء والافكار على اختلاف مشارب اتجاهاتها، ومرجعيتها وبعدها السياسي، ووقوف بعضها على نقيضي الرأي والموقف السياسي.

في اللقاء وقفت طويلا أتأمل بإمعان عميق كلام الملك، وأركز على نبرة صوته، خلجات وجهه وحضوره النفسي، ولأني أول مرة ألتقي الملك شخصيا، ووجها الى وجه. أردت أن أمعن بحكمة ودراية لأجمع الخيط الرفيع القويم الجامع لما يقوله الملك في القضايا المحلية والاقليمية والعربية، وعلى رأسها فلسطين والقدس، والازمة السورية، والبناء السياسي والدبلوماسي للعلاقات العربية -العربية.

أن تُدعى الى طاولة الملك للحوار بحضور شخصيات سياسية واعلامية أردنية وازنة، والاستماع المستفيض في الشأن الاردني والاقليمي، ولطرح اسئلة متواترة عن الأردن ومستقبل الأردن، والأردن الى أين؟ فهذا يغري الى أن نتفاخر بالسياسة الأردنية، ولنتفاخر بملكنا، ولنتفاخر بالدولة الأردنية، ولنتفاخر بقيم حرية الرأي والتعددية والديمقراطية الوطنية الأردنية.

الحوار من عناوين السياسة الحكيمة والراشدة والواثقة، ويؤسس للحظة وطنية جامعة. وكم نحتاج الى حوارات، ومزيد من الحوار، فالحوار يبدد الافكار التقليدية والمخنوقة والمستهلكة، ويبوح بالصراحة والجراءة والمفارقات النقيضة، ومما تحتاجه الدولة كثيرا ليطرقوا مواضيع وقضايا، ويهزون أفكارا دون هدف شخصي ولا انتهازي.

لقاءات ونشاطات وخطابات الملك، أعتبر نفسي من أشد متابعيها، أقرأ وأتابع وأشاهد، وأٌقدر بروية ما يحدث، وأسعى احيانا لأكون شريكا ومؤثرا في الرأي بالكلمة المكتوبة والمنطوقة، على الورق وشاشة التلفزيون.

وليس من باب المدح فقط أثني على لقاءات الملك، ولكنها نهج لـ «مؤسسة القصر» يستمر ويتواصل ويزداد تفاعله مع كل القوى والاتجاهات السياسية والشعبية والاجتماعية، ليؤسس الى حوارية وطنية جامعة، تطلق البلاد والعباد الى رشد وطني.

اترك رد