استمرار الشحن في الغضب الإلكتروني
الأردن اليوم – د. مهند المبيضين
يستمر الناس بالغضب، وبث الحقائق أو نصفها، أو ما هو ليس بحقيقة، عبر الفضاء الالكتروني، في مجتمع يفيض تعليماً وحيوية، وقوة للشباب الفتي، لكنها قوة غير موظفة وغير مستغلة. الأردن بلد مؤثر وفاعل في الفضاء الالكتروني وفي صناعة المحتوى العربي، لكنه بلد لا يقف عند حالة التأثر وحسب، بل هو صانع في الرأي العام الافتراضي، لكن السلبية هي التي تعم في التعبير عن الرأي، وهو في المحتوى العلمي يُعد قصة نجاح وطاقة للمستقبل وقوة معرفية.
قبل شهور تدخل جلالة الملك في الجدل والنقاش الدائر افتراضياً، في مقالة له عن شبكات التواصل الاجتماعي، كان تدخله دعوة للتعقل ونبذ الكراهية، واستشعارا لخطر الشائعات ودورها في تعطيل قوة الدولة.
لكن النشر استمر، في القضايا المحلية، والعربية، بقيت الشائعات موجودة، وظلت الحقائق تطفو على سطح الفضاء الالكتروني الأزرق عبر الفيسبوك، وهي حقائق موجعة، حتى وإن كانت خاصة.
تتسرب وثائق توظيف، يرافع بعض المعنيين عن حقهم في الوظيفة، التي لم تخضع لعدالة الدور في ديوان الخدمة المدنية، وكأنها وظائف في شركة خاصة، يعود جلالة الملك للتدخل محذراً من نشر الوثائق وتسريبها، لكن المشكلة لا تنتهي عند حدّ التحذير الملكي، بل تتجاوزها عند المقارنة والمقاربة في وجه العدالة المطلوب.
يلتقي سيد البلاد نخبة من الساسة، ويؤكد على حق الناس في التوظيف وعلى العدالة، وعلى ضرورة حل مشكلة البطالة التي هي عنوان التحديات واكبرها لدى الشباب الأردني.
لا يعرف الناس كلّ الحقائق، هناك وظائف كثيرة يتم التعيين فيها وفقاً للتنسيبات وشراء الخدمات، لكن هذا يظل أمراً خارج دائرة المؤسسة التوظيفية الأولى في التوظيف وهي ديوان الخدمة، وتبقى البطالة حاضرة في وجوه آلاف المهندسين والاطباء وخريجي الجامعات وكليات المجتمع.
الوصول لدرجة اقناع الشباب المتعطل بأن ما يجري امر طبيعي هو هدف صعب المنال، ولا يمكن الوصول إليه، فالحكومة تجهد وتُنشط الشباب على ممارسة السياسة والنقد المنظم وعبر أطر مدنيّة، فلدينا فائض وعي شباب لم يظهر بعد، ولم يعبر عن خياراته المقبلة وهذا الذي يجب الالتفات إليه بشكل سريع.
كلما تأخر انصاف الشباب، المتعلم وخلق فرص عمل له، زاد الغضب وزاد الشحن عبر شبكات التواصل، وهنا يجب الاعتراف بأن الشباب الأردني الذي طالما افتخر به الملك، هو شباب مجد وقادر على التكيف مع الظروف، ونجد اليوم مهندسين يعملون في ورش، ومحلات، ومحطات وقود، ونجد بعضهم دراسات عليا، فهم قد قطعوا مع وعود التوظيف، وسعوا إلى رزقهم الحلال مع الابقاء على الكرامة، ولم يشكلوا عبئاً على الدولة.
هناك آلاف من قصص النجاح والكبرياء ومواجهة التحديات، وهناك في المقابل الكثير من المحسوبية والواسطة التي تقتل الأمل عند الشباب.