5 دلالات لـ نشر منظومة صواريخ “ثاد” الأمريكية في المنطقة
الأردن اليوم – د. عمر الرداد
تم الإعلان مطلع آذار (مارس) الجاري، عن قيام الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بمنظومة صواريخ “ثاد”، فيما أودعت المملكة العربية السعودية الدفعة الأولى من ثمن هذه المنظومة التي تم الاتفاق على شرائها من أمريكا بحوالي “15” مليار دولار، فما هي هذه المنظومة الصاروخية، وما سياقات ودلالات نشرها في المنطقة بهذه المرحلة؟
أولاً: المنظومة الصاروخية “ثاد” من إنتاج شركة “لوكهيد” الأمريكية المتخصصة في إنتاج الأسلحة العسكرية، وهي صواريخ توصف بالمفاهيم العسكرية بأنّها “دفاعية” على غرار منظومات صواريخ “باتريوت” وهي متخصصة في اعتراض الصواريخ الهجومية داخل الغلاف الجوي للأرض وخارجه، ويمكنها اعتراض صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وتعمل وفق مفهوم “رصاصة برصاصة”، ويمكن نشرها لحماية المدن والمنشآت، ويصل مداها إلى حوالي ألف كيلومتر، وتحتوي على تكنولوجيا متطورة جداً تضمن فاعلية عالية كونها تتضمن إضافة لمنصات الصواريخ رادارات متطورة جداً ومراكز قيادة وتحكم ذاتية، ووفقاً لخبراء عسكريين فإنّ ما يميز المنظومة الجديدة، هي القدرة الفائقة لمنظومات راداراتها وقدرتها على الوصول إلى مناطق واسعة، وهو ما دعا روسيا والصين إلى الاعتراض على نشر دفعة من هذه الصواريخ في كوريا الجنوبية، قبل سنوات قليلة.
ثانياً: يأتي نشر منظومة صواريخ “ثاد” في إسرائيل بعد مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الأمريكي وجيوش أوروبية، في ظل متغيرين؛ الأول: إعلان الولايات المتحدة انسحابها من اتفاقيات الصواريخ الموقعة مع روسيا، على خلفية اتهامات أمريكية لروسيا بعدم الالتزام بالمعاهدة وقيامها بنشر منظومات صواريخ في أوروبا، ومناطق أخرى في العالم، والثاني: أنّ نشر هذه المنظومة تزامن مع مؤتمر وارسو الذي دعت له الولايات المتحدة، والذي أكد على توافق المشاركين فيه على مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة وتهديدها السلم العالمي، ودعمها من خلال الحرس الثوري الإيراني، للعديد من وكلائها في لبنان وسوريا والعراق إضافة لليمن.
ثالثاً: يأتي الإعلان عن نشر منظومات صواريخ “ثاد” بعد عامين من عقد روسيا صفقات ضخمة بمليارات الدولارات، لبيع منظومات صواريخ “اس 400” لقوى إقليمية في المنطقة؛ ايران وتركيا ومصر والسعودية، إضافة لمباحاثات قطرية وإماراتية لاقتناء “اس 400″، وهو ما يعني إدخال المنطقة في مزادات بيوعات أسلحة “روسية وأمريكية” خاصة وأنّ التسريبات حول منظومة “ثاد” الأمريكية تؤكد تفوقها على منظومات صواريخ “اس 400” وقدرتها على إبطال مفعولها وشل حركتها.
ورغم أنّ هدف منظومة صواريخ “ثاد” الأمريكية، ونشرها في المنطقة، يستهدف ضرب الجهود الروسية في المنطقة ومواجهتها، من خلال إلقاء ظلال من الشك على فاعلية الصفقات التي عقدتها روسيا في المنطقة، إلا أنّ مواجهة المنظومة الصاروخية الإيرانية، التي تشكل موضوعاً مهماً في أوساط أوروبية وأمريكية، يتم طرحه بالتوازي مع البرنامج النووي الإيراني، تبقى الهدف الأقرب للإعلان عن نشر “ثاد” في المنطقة، في ظل: الإعلانات الإيرانية المتوالية عن تطوير منظوماتها الصاروخية، وزيادة مدياتها، وإمكانيات حملها رؤساً متفجرة، مع الشكوك في دقتها وقدرتها على الوصول إلى أهدافها، هذا بالإضافة إلى حصر تزويدها بإسرائيل والسعودية وهو ما يعطي دلالة ومؤشراً على أنّ الهدف المباشر لها مواجهة الصواريخ الإيرانية، بما فيها الـ “120” ألف صاروخ الموجودة بحوزة حزب الله اللبناني.
رابعاً: يؤشر نشر منظومة الصواريخ الأمريكية الجديدة إلى طبيعة الحروب القادمة في المنطقة، بالنسبة لأدواتها وأسلحتها، وهي حروب من الواضح أنّها تعتمد على سلاح الصواريخ، بكونه سلاح الجيوش الإيرانية الرئيسي، والذي تم تجريبه من قبل حزب الله في حرب تموز عام 2006 ضد إسرائيل، ومن قبل إيران التي أطلقت عدداً من هذه الصواريخ من غرب إيران إلى البادية السورية، ضد داعش كما أعلنت إيران، إضافة للصواريخ التي يطلقها الحوثيون على أهداف داخل المملكة العربية السعودية، وفي اليمن.
خامساً: رغم أنّ نشر تلك الصواريخ، بالتزامن مع إرسال العديد من القطع البحرية الأمريكية إلى منطقة الخليج العربي، والمناورات العسكرية البحرية التي تجريها إيران في الخليج، ربما يقدم مؤشرات أولية على إمكانية تصعيد عسكري في المنطقة، وشيوع أجواء تتشابه مع الأجوء التي سادت قبل احتلال العراق، إلا أنّ كثيراً من الخبراء العسكريين، يعتقدون أنّ هذا التصعيد ما يزال في مرحلة ممارسة الضغوط على إيران، وإرسال رسائل للقيادة الإيرانية، بأنّ أمريكا تملك سلة خيارات واسعة لمواجهة إيران من بينها “الخيار العسكري” وأنّ أمريكا لديها الجاهزية لاستخدام هذا الخيار في الوقت الذي تقرره.