خلدون الحباشنة يكتب: “الأردن اليوم”… مواجهة برسم المسؤولية الاعلامية

127

 الأردن اليوم –  خلدون عبدالسلام الحباشنه

نحت وجه اعلامي جديد ، وصناعة ايقونة جديده لا يتم عبر الاستسلام لسائد والمطلوب ، يتأتى الحضور العام عبر سلوك الممرات الوعرة التي يتحاشاها الجميع ،وربما اختار الكثيرون الدروب الملتوية لتحاشي تحمل المسؤوليات لكنهم في النهاية حكموا على المنتج الاعلامي نفسه بالغياب في مدارات المديح الكاذب والوهم المتساوق مع التقليد والعاده .
التأسيس الفعلي لمكانة اعلامية لن يكون في الاردن الذي يعاني اساسا غياب الثقة ، وازمة تشكيك غير مسبوقة الا بحيازة الاداة اللغوية المتينة والمنصة الاعلامية المنحازة الى واقعها وبيئتها عندها ينجح الاعلامي في الحدث الى علاقات تعبيرية وحركية فاعلة مفتوحة على مطالب الناس واحتياجاتهم في مجتمع تربى على النقد المعد مسبقا والمطلع عليه مسبقا والموافق عليه مسبقا ، والذاكرة الشعبية محتشدة بالنوع الرديء من التعاطي الاعلامي الذي يقول كل شيء الا الحقيقه .
الحرية الاعلامية هي الايمان بالتضاد الواضح ، واعلام الموقف في الاردن كله غاب وتلاشى نتيجة ضعف الذات الاعلامية التي انعكس ضعفها على قوة الحدث حتى افقده الضعف معناه ، واحداث الفرق واطلاق العنان للابداع حتما سيواجه بقوة ردع كبيره .
الزميل محمد العجلوني وتصدره مشهد الاعلام استثمارا فيه او تعاملا معه ربما كان يعي ان كل فكرة هادفة او مشروع يتجه نحو الوعي مباشرة ، سيجري مواجهته بكافة الوسائل المتاحة نظرا لان بلوغ مرحلة تفكيك التابوهات الوهمية التي شكلت ولا تزال قوة صد كبيره امام الولوج الى العقول والقلوب من بوابة النقد الايجابي والتحليل المنطقي الرامي الى صياغة معادلة الوعي نفسها ، والرهان فقط هو على الشجاعة والاستعداد لتقديم التضحيات .
مطالبون نحن كاعلاميين ان نبقى نكتب ونحلل غياب ” الزفته ” عن شوارعنا ، وان نسهب في الحديث عن انقطاعات الماء والكهرباء وان نعمل مصادر لدى المسؤولين في بلدنا لتبليغهم عن اكتظاظ مدارس او تسرب طلبة او ربما عن وقوع مشاجرة لنتحول الى كتبة استدعاءات لا تخرج عن صيغة التمني والاستجداء التي جرى اعداد كثيرين لممارستها
الجريمة التي ارتكبتها الزميله رنا الحموز انها لم تكن مهتمة حد المبالغة بمكياجها ولا اناقتها بل في كونها تتحدث بلغة اعلامية محترفة ومتقنة ثم انها لم تقع في فخ نصب المرفوع ورفع المنصوب نعم جريمتها انها تقدمت مسؤولياتها في طرح نقدي محرج يكشف رفضا مطلقا لذكاء النوعي والقدرة التي تقدم تحليا لحدث .
البرنامج السياسي الساخر الذي تقدمه الزميله الحموز ” عالرابع ” رفع الغطاء تماما عن كل ما ندعيه اعلاميا من برامج سياسية او ثقافية ساخره كانت لا تعدوا كونها معالجات هامشية لقضايا دون الاهتمام الشعبي والرسمي على قنوات محلية ، بينما جاء برنامج ” اول مره ” والذي يقدمه الزميل طوني خليفة ليطلق رصاصة الرحمة على برامجنا الحوارية التي عانت من مرض النفاق الاعلامي ردحا من الزمان .
نعم هناك محاذير امنية ودينية واقتصادية واجتماعية يتحرك وفقها الاعلاميون ، وهي تعود في تقديراتها الاولى الى الاعلامي نفسه عبر تمكنه وقدرته على تحديد مدى خطورتها على الصالح العام ، لكن الاهم في النهاية في ادبيات الاعلام المعاصر هو الفكرة والحدث وليس الاشخاص ، لكن تيارا غالبا لا يزال يضيق ذرعا بالمنطق والحجة ويشهر سيف القمع المصلت على رقاب الاعلاميين الذين تحرروا من قواعد ” العين المكسورة او اليد الملوية ” او في الدارجة الاردنية ” ما عليهم مدة اصبع ” من الذين تزخر بهم الحوزات الاعلامية الاردنية .
في الاردن اليوم والاردن غدا لا مجال للعودة الى اردن الامس ، ثمة جيل اعلامي اردني يخرج من تحت الصخر حاملا محتواه الاعلامي الصادق ليواجه في وطنه موجات التصفيق التي اورثت البلد حملا ثقيلا .
التمكن من المعلومات محال ، والاستقصاء خطيئة ، محرومون نحن من التحديات الاعلامية المشوقة ، نريد ان تكون علاقة الصحفي بالسياسي علاقة مصدرية لا ان نكون ” مجرد مستخدمين ” مدنيين لاغراض اعلامية .
نريد ان نتعامل ولو لمرة واحدة مع ارقام ونسب خارج سياقات الثرثرة والطرب والانشاء والتمجيد ، نريد كأعلاميين اردنيين ان ” نقتني الحقيقة ” ولو لمرة واحدة في حياتنا المهنية نتمنى ان تحترموا امتلاكنا للقدرة الجذابة على عرض الصورة الاصيلة عن ذواتنا الاعلامية ، استثمروا هذا فينا ووظفوه لخدمة وطننا .
بين النجوميين الساعين لها بكل قواهم وبين الثأريين والمبتزين والنفعيين فقط نريد ان يكون لنا خطنا الثالث الساعي الى عدالة الشفافية والمسائلة لنحظى بشرف الانتماء على اساس التكافوء الى بلاط السلطة الرابعة .

اترك رد