خرافة أمن حماد

112

الأردن اليوم – هبه ابو طه

طلّ علينا يوم أمس وزير الداخلية سلامة حماد في مؤتمر صحفي برفقة قيادات أمنية ليتحفنا بتصريحاته حول ما يسري من مجريات في وطننا الحبيب بالآونة الأخيرة في الوقت الذي كان ينتظر منه الرأي العام شرحًا لما يحدث وبحثًا في الأسباب وتقديما لحلول فعالة، فالشعب متعطش لسماع الحقيقة.

لكن سلامة لم يروِ ظمأنا بل استخف بعقولنا، وحاول تمرير الأزمة التي نعيشها بقصة، مفادها أن المقاطع المصورة التي انتشرت ليست في الأردن وكأننا لا نعلم شوارع هذا الوطن المحفورة في قلوبنا قبل ذاكرتنا، وعلاوة على ذلك لجأ حماد إلى تبرير ما حدث بقوله “إن الوقائع والأحداث التي تجري تقع في كل دول العالم”، وهذه كارثة، إذ إن الانفلات الأمني وإطلاق الرصاص ليس أمرًا طبيعيًا يقع في كل الدول ويمر بسلام وانسياب.

إلى ذلك، فإن الحقائق التي تكشفت مؤخرًا حول النوادي الليلية وتضارب التصريحات بخصوصها يضعنا أمام فاجعة حقيقية ويدفعنا لطرح تساؤلات عديدة أهمها: لماذا تم التغاضي عن وجود تلك النوادي غير المرخصة طوال الفترة السابقة، ومن المستفيد؟، ومن يقف خلف الكواليس ليدعم هؤلاء ويطبطب عليهم؟، ومن الذي وفر لهم غطاءً قانونيًا ليحمي مصالحهم؟، وما التجاوزات القانونية الأخرى التي يرتكبها هؤلاء؟

تلك الأسئلة وغيرها الكثير كنا ننتظر من حماد الإجابة عليها في مؤتمره الصحفي الذي أداره كما شاء و سمح لمن يريد بحضوره ومنع التغطية الإعلامية عمَّن يريد، لننتقل هنا إلى كارثة أخرى، ألا وهي؛ مهاجمة الإعلام بقرار حماد القاضي بمنع فريق قناة الأردن اليوم من تغطية المؤتمر، في حين أننا لا نعلم ما الذنب الذي اقترفناه، فهل ذنب الأردن اليوم أنها هي أول من نبهت الحكومة إلى وجود آلاف من النساء يعملن في النوادي الليلية دون تصاريح عمل وإقامة وبلا فحوصات طبية.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أنّ هنالك وسائل إعلام صهيونية تصول وتجول في بلادنا بلا رقيب أو حسيب فهل يا حماد “الأردن اليوم” أخطر من إعلام العدو!!!!!!! دون مقارنة لأن الفارق أكبر من أن تجسده الحروف، فلا يمكن أن نشبه قناة وطنية كالأردن اليوم بإعلام محتل اغتصب أراضينا.

إن ما جرى مع الأردن اليوم نموذج يكشف كيفية تعامل حماد مع الأزمات، فإن كنتم يا سلامة تخشون الإعلام المستقل وتخيفكم قناة تتفاخر بأن اسمها الأردن اليوم، وتتهربون من مواجهتها، فكيف سنثق بكم بمواجهة من يحمون تلك النوادي غير المرخصة وكيف ستحدثوننا عن الأمن والأمان بعد كل ما جرى.

وللأمانة، فإن الأمر الغريب هو أن كرسي سلامة حماد ما زال سالما ولم يتزحزح خطوة واحدة، وكأن بقاءه أمر محتم، ولو كنّا في دولة أخرى كالدول التي تحدث عنها حماد لكان الآن يجلس في قاعة مغلقة لمساءلته عن كيف مر كل هذا وأنت جالس على الكرسي، وكيف تتحدث عن الأمن وأنت تُطيح بالأمان؟!

اترك رد