الأردن اليوم – بدأ العام الدراسي الجديد في كل دول العالم تقريباً، فما السبب وراء اختيار هذا الشهر من كل عام للعودة إلى المدارس؟
ثمة سبب تاريخي واقتصادي لهذا الأمر. ففي المملكة المتحدة، أصبح التعليم الابتدائي إلزامياً في العام 1880. وكان الأطفال يعملون آنذاك في الحقول والمزارع لمساعدة أسرهم مادياً، فكان يتعين على السلطات تصميم العام الدراسي بشكل يحفز الأسر على إرسال أبنائها للمدارس، وفق ما نشر موقع “بي بي سي”. وتقول باولا كينغ، أحد أعضاء الرابطة التاريخية في المملكة المتحدة “إن اختيار توقيت العام الدراسي جاء ليواكب الموسم الزراعي والصناعات المتعلقة بالزراعة، التي يشارك فيها الأطفال”.
أسلوب حياة
والسبب نفسه الذي صُمم على أساسه توقيت العام الدراسي في المملكة المتحدة ينطبق على سائر دول العالم.
وتقول سارة طرمان، باحثة في سياسات التعليم المقارن “إن المجتمعات الزراعية بشكل عام كانت تفضل أن يعمل الأطفال في الحقول للمساعدة في النشاط الاقتصادي للأسرة”.
وترجح طرمان أن النشاط الزراعي انعكس على موعد بدء اليوم الدراسي نفسه، “فميقات السابعة صباحاً لبدء المدرسة مرتبط بالمواعيد المبكرة للعمل في المزارع. ولم تظهر الدعوات لتأخير بدء اليوم الدراسي إلا مؤخراً، بعدما تغير ميقات بدء يوم العمل”.
وبدأت بالفعل الدعوات لتأخير ميقات بدء اليوم الدراسي، لتواكب أسلوب الحياة في العصر الحديث.
ولعل البحث الأبرز يتعلق بحاجة المراهقين لساعات نوم أكثر مما يسمح به النظام الدراسي الحالي. وبعض المعنيين بالتعليم أشاروا بالفعل لإمكانية أن يبدأ المراهقون يومهم الدراسي في وقت متأخر، ليحصلوا على قسط أوفر من النوم.
لكن طرمان أشارت إلى أن المدرسة جزء من المجتمع ككل، “فهناك حياة أسرية بعد المدرسة، وأنشطة يجب أن يكون الطالب جزءاً منها بحيث لا ينعزل اجتماعياً وهو الرأي الذي يرجحه الفريق المؤيد للبداية المبكرة للمدارس”.
ورغم تحول الكثير من المجتمعات الحضرية إلى موقف مناهض لعمالة الأطفال، إلا أن الكثير من المجتمعات ما تزال بحاجة لأيد عاملة من صغار السن.
وترى طرمان أنه لا يجب مواجهة الاحتياج الاقتصادي في هذه المجتمعات بأدبيات تجريم عمالة الأطفال، “فرغم مواقفنا الأخلاقية من عمالة الأطفال، إلا أن الواقع يفرض نفسه في هذه المجتمعات، ومهمتنا هي وضع النظام الدراسي بما يحقق أكبر حافز ممكن لإلحاق الأطفال به”.
وثمة عامل آخر في العالم العربي، وهو غياب المقاييس العالمية بشأن المسافة بين المدرسة والمنزل، التي يجب أن تتراوح ما بين كيلومتر واحد أو اثنين على الأكثر.
ولا تنطبق هذه القاعدة بالضرورة على الكثير من المناطق الحضرية في العالم العربي، “فالمدارس الجيدة قد تبعد عن المنزل بمسافة تصل إلى ساعة أو أكثر، هذا بجانب الزحام المروري. وينتهي الأمر بإضافة ساعات تنقل عدة إلى اليوم الدراسي”. وبشكل عام، تختلف معطيات النظام الدراسي في الواقع عن القواعد المتفق عليها أكاديميا وعالميا بسبب الظروف المختلفة للمجتمعات.
وتقول طرمان إن بعض المدارس تلجأ إلى إضافة المزيد من الأنشطة الرياضية أو الثقافية بعد انتهاء اليوم الدراسي، وربما يكون ذلك مناسبا للآباء الذين يعملون لأوقات متأخرة “لكن لا يوجد دليل علمي ما إذا كانت هذه الأنشطة تؤثر بالسلب أو الإيجاب على الطلبة”.